أبعد ، وعدد جيش المسلمين لا يصل إلى عشر عدد الجيش الذي جهزه هو ، حيث لم يكن عدد المسلمين يزيد على ثلاثة آلاف مقاتل بينما الجيش الذي يجهزه الآن إلى تبوك عشرة أضعاف هذا العدد ، وكانت جموع الأعداء التي واجهت تلك السرية الصغيرة تعد بمئات الألوف حسبما تقدم .. بينما هم يدّعون أن قيصر قد جهز للمواجهة في هذه المرة أربعين ألفا فقط.
من أجل ذلك وسواه نقول :
لعل الأصح هو : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد أراد فيما أراد :
١ ـ أن يفضح حقيقة نوايا تلك الطغمة التي تتربص بالإسلام وبالمسلمين شرا ، وهذا ما اشار إليه الشيخ المفيد «رحمهالله» حيث قال عن تبوك :
«فأوحى الله تبارك وتعالى اسمه إلى نبيه «صلىاللهعليهوآله» : أن يسير إليها بنفسه ، ويستنفر الناس للخروج معه ، وأعلمه أنه لا يحتاج فيها إلى حرب ، ولا يمنى بقتال عدو ، وأن الأمور تنقاد له بغير سيف ، وتعبّده بامتحان أصحابه بالخروج معه واختبارهم ، ليتميزوا بذلك ، وتظهر به سرائرهم.
فاستنفرهم النبي «صلىاللهعليهوآله» إلى بلاد الروم ، وقد أينعت ثمارهم ، واشتد القيظ عليهم ، فأبطأ أكثرهم عن طاعته ، رغبة في العاجل ، وحرصا على المعيشة وإصلاحها ، وخوفا من شدة القيظ ، وبعد المسافة ، ولقاء العدو ، ثم نهض بعضهم على استثقال للنهوض ، وتخلف آخرون الخ ..» (١).
__________________
(١) الإرشاد ج ١ ص ١٥٤ و ١٥٥ والبحار ج ٢١ ص ٢٠٧ وموسوعة الإمام علي ـ