ثمّ إنّه لا ينبغي للاُستاذ
أخذهما ـ أي العسر والحرج ـ دليلاً ولا مؤيِّداً ، لأنّ هذا الرجل إن كان قد فاته الحجّ ـ كما نبّه عليه في أثناء كلامه ـ فقد شَرّع
الله تعالى عزّوجلّ مَخْلَصاً شارعاً عن ذلك بالعمرة المفردة ، فإنّها شرّعت لكلّ من
فاته الحجّ إجماعاً مستفيضاً ، حتى حكاه في المدارك ، فيتحلّل بها ، ويمضی إلى بلده ، ولا عسر ولا حرج.
وإن كان لم يفته الحجّ فقد
فرض الله تعالى سبحانه له العدول ، والإجزاء على المختار.
نعم تجيء المشقّة والتكليف
على ما يحتمله الاُستاذ ، حيث أنّه يجب أن يعدل ، ويأتي بتمام أفعال الحجّ ، ثمّ يأتي بعمرة مفردة ، من دون استحقاق اُجرة ، ومن دون
إجزاء عن الميّت.
وإشكال الاُستاذ سيدفع
بأربعة اُمور ، كلّ واحد منها كافٍ في دفعه ، كما سنرقيه إلى نظره العالي الشريف ، إن شاء الله تعالى.
قال الاُستاذ : فأرجو أن
يكون الحكم ـ أي الإجزاء ـ كذلك ـ أي كالحكم فيمن مات محرماً ، بعد دخول الحرم ـ لظهور الإجزاء هنا نصّاً وفتوى ، مع التصريح بلفظ الإجزاء في بعض الفتاوى ، لكن لا محيص في الفتوى بمجرّد ذلك ، لتوقّف الظهور المزبور على الدليل ، ولم نجد سوى الإجماع ، وهو إن تمّ فإنّما في الحكم ، لا
دلالة اللفظ.
قول الاُستاذ : لظهور
الإجزاء هنا ـ من لفظ الجواز ـ نصّاً وفتوى.
إن كان مراده به أنّه ظهر
له الإجزاء من لفظ الجواز من نصّ ، كان حجّة مستقلّة ، إذ ما بعد الظهور ـ من النصّ والظنّ بذلك ـ من حاجة إلى شيء آخر ، وإن كان الظهور من النصّ من قرائن اُخر.
وكذلك إذا كان المراد أنّه
ظهر له ذلك من لفظ الجواز الوارد في النصّ.
نعم ، إن كان المراد أنّه
ظهر له ذلك في النصّ لا منه ، توقّفت حجّيّة هذا الظهور ـ الذي هو بمعنى الظنّ ـ إلى دليل ، عند من لا يذهب إلى [ أنّ ] كلّ ظنّ للمجتهد حجّة ، وأمّا عنده ـ أيّده الله تعالى ـ فلا.
____________________________