الأخبار ، وقد وردت في مسألتنا هذه بالإجزاء (١٢).
وكلمات جميع القدماء ، إلى المنتهى والتحرير ـ إلّا ما قلّ ـ قد صرّحت أيضاً بالإجزاء ـ كما ستسمع ذلك كلّه منقولاً برمته ـ ، فيكون ذلك في الأخبار قرينة على إرادة الإجزاء من الجواز ، جزءاً من تلك العمومات والإطلاقات ، بل نحن مع الظفر بهذه في غنية عن تلك.
وقد تجوّز الاُستاذ في قوله إنّ بينهما تبايناً جزئياً ، لأنّ بينهما عموماً وخصوصاً مطلقاً ، إذ كلّ مجزٍ في العبادات جائز ، لأنّه يكون مأموراً به ، والتباين الجزئي لا يكون إلّا في موضعين ، في ضمن التباين الكلّيّ ، وفي ضمن العموم والخصوص من وجه.
نعم ، لو كان قطع المقدّمة على وجه محرّم ـ لو كان عبادة ـ كان بينهما عموم من وجه ، والأمر في ذلك سهل.
قال الاُستاذ : مفاد العمومات ـ نصّاً وفتوى ـ هو جواز العدول. وهو ممّا لا شبهة فيه ، ولا ريب يعتريه ، في الأصيل وفرعه وغيرهما ، لتأيّدها ـ زيادة على الإجماع ، فتوى ورواية ـ بالإعتبار ، إذ لولا الرخصة بذلك ، لكان اللازم على المضطر الصبر إلى العام المقبل ، حتى يتمّ ما هو فرضه لعدم وقوعه إلّا في أشهره ، والفرض فوتها ، والأمر بذلك فيه عسر ومشقّة ، قلّما يتحمّله أحد ، والإحلال (١٣) بعمرة موقوف على ورود الرخصة ، ولم يزد بلا شبهة.
فإذاً لا إشكال لنا ولا لأحد في جواز العدول ، دفعاً للعسر والحرج اللازمين على تقدير عدمه ، لكلّ حاجّ متمتّع ، أصيلاً كان أو نائباً أو غيرهما.
إنّما الإشكال في إجزائه عن ذمّة الميّت ، عن حجّ التمتّع ، وإجزائه عن النائب ، في العمل المستأجر عليه ، إذ هو التمتّع ، والإفراد غيره.
قلت : قد أخذ الاُستاذ ـ أولاً ـ العسر والمشقّة ، مؤيِّدَيْن للإجماع والأخبار ، فكان اللازم عليه أن يقول هنا : فإذاً لا إشكال لنا ، ولا لأحد في جواز العدول ، للإجماع والأخبار ـ المؤيَّدَيْن بالعسر والحرج ـ وقد أخذهما هنا دليلاً مستقلاً.
____________________________
(١٢) تأتي الإشارة إليها في الهوامش ٤١ و ٤٢ و ٤٣.
(١٣) كانت العبارة في الأصل : « قبل ما يتحمّله أحدها ، والخلال ».