في المعاني المستقلّة ، ثم فرّقوا بينهما بالإقتران بالزمن ، وعدم الإقتران به.
ولنا على ذلك الملاحظات الآتية في الجهتين معاً :
١ ـ عدم الاستقلال بالمعنى
فمن جهة تخصيصهم الكلمات غير المستقلّة بالحرف فقط ، لايوجد له وجه معقول ، فهناك كلمات كثيرة أدخلوها في قسم الأسماء ، كالضمائر ، والإشارة ، والموصول ، وأسماء الإستفهام ، وأسماء الشرط ، وغيرها ليست لها تلك المعاني المستقلّة ، لأنّ معناها لايفهم إلّا ضمن كلمة اُخرى ، أو جملة ، ولنقارن بين كلمة ( أل ) التي يفترض أنّها حرف ، وكلمة ( الذي ) التي يفترض أنّها اسم ، فسنجد أنّ معناهما سواء من ناحية عدم الإستقلال بادراكه من اللفظ المنفرد ، فجملة : ( الذي جاءني بالأمس زيد ) لو اقتطعنا منها كلمة ( الذي ) فما المعنى الذي تدلّ عليه منفردة ؟! ولو قلنا : ( هذا ) ـ وحدها ـ لبقي المعنى غامضاً حتى نأتي بالمشار إليه لفظاً مثل : ( هذا الرجل خير من أخيه ) أو حسّاً كالإشارة الخارجية ، وحينئذ يغني معنى ( الذي ) بصلتها ( جاءني ) ، ولايبقى لـ ( هذا ) معنى غير معنى ( الرجل ) المشار إليه لفظاً أو حسّاً.
وقد تنبّه النحاة أنفسهم إلى ذلك فعلّلوا سرّ بناء هذا النوع من الكلمات بكونها مفتقرة إلى الغير في معناها ، كالحرف ، وسمّوا ذلك بـ ( الشبه المعنوي ) :
كالشبه الوضعي في اسميْ جئتنا والمعنوي في متى وفي هنا
وإذا كان الأمر كذلك فما نصنع بالأسماء المبهمة هذه ؟! أنعتبرها حروفاً ، لأنّ تعريف النحاة للحرف : ( ما دلّ على معنى في غيره ) شامل لها ؟ ! أم نظلّ نصنّفها في قسم الأسماء ، مع أنّ تعريفهم الإسم بأنّه : ( مادلّ على معنى في نفسه ) لاينطبق عليها ؟! فالغلط واقع لامحالة إمّا في التقسيم أو في التعريف.
٢ ـ فكرة الزمن واقترانها بالفعل
أمّا عن فكرة الزمن وجعلها هي المائزة بين الإسم والفعل مع دلالتها على المعنى المستقلّ ، فملاحظتنا عليه :
أ ـ إنّ فكرة الزمن ودلالة الصيغة الفعلية عليها فكرة غير ناضجة في أذهان النحاة السابقين وقد أنكر ذلك أكثر الباحثين المحدثين سواء في اُصول الفقه (١٢) أم في
____________________________
(١٢) اُنظر : البحث النحوي عنه الاُصوليّين : ١٥٠ وما بعدها.