والحرف : ( ما دلّ على معنى في غيره ، نحو من وإلى وثمّ ) (١١) وهم يقصدون : أن ( التعريف ) أو ( التنكير ) ليس هو معنى تحمله كلمة ( أل ) أو ( التنوين ) وإنّما هو معنى تحمله كلمة ( رجل ) عندما تسبقها ( أل ) أو يلحقها التنوين. و ( الإبتداء ) أو ( الإنتهاء ) ليس معنى تحمله كلمتا ( من ) و ( إلى ) وإنّما يحمله المجرور بهما ـ البصرة أو الكوفة ـ في مثال : ( سرت من البصرة إلى الكوفة ) ، وهكذا.
نقد الأساس النحوي للتقسيم
أ ـ ونقدنا للأساس الأول أنّ النحاة السابقين لم يقبلوه ، لعدم قيامه ـ كما قالوا ـ على ( القسمة الحاصرة ) فمن الواضح أنّ الفروض أربعة ، أي أنّ الكلمة ـ عندهم ـ إمّا أن تكون مسنداً فقط ، أو مسنداً إليه فقط ، أو تكون مسنداً ومسنداً إليه ، أو لا مسنداً ولا مسنداً إليه ، والأول : الفعل ، والثاني : ضمير الرفع المتّصل ، والثالث : الإسم ، والرابع : الحرف.
ومع وجود هذا الفرض الرابع ، والتمثيل له بضمائر الرفع المتّصلة ، فكيف يصحّ جعلها من قسم الإسم ، وليس قسماً رابعاً.
ب ـ أمّا عن وجهة النظر الاُخرى ، أي بناء تقسيم الكلمة على أساس دلالتها على المعنى بنفسها أو بغيرها ، فإنّ الملاحظ عليه : أنّهم يعنون بذلك أن تكون الكلمة مستقلّة بإدراك المعنى من لفظها أو غير مستقلّة ، المستقلّة هي التي يدرك السامع معناها الذي وضعت له ، سواء كانت مرتبطة بكلمة اُخرى أو غير مرتبطة ، فكلمات : ( رجل ، فرس ، قيام ، قعود ) يفهم السامع معناها عند النطق بها منفردة مثل : ( رجل ) أو مؤلفة مثل : ( جاءني رجل ). أما الكلمات غير المستقلّة مثل : ( من ، وأل ، وهل ) فهي التي لايفهم عند النطق بها معنى ( الإبتداء ، أو التعريف ، أو الإستفهام ) إلّا ضمن كلمة اُخرى ، أو جملة تامّة ، فكلمة ( رجل ) هي التي تكون ( معرفة ) عندما تدخل عليها ( أل ) ، وجملة : ( قام محمد ) هي التي تكون ( مستفهَماً عنها ) عندما تدخل عليها ( هل ).
والملاحظ أنّهم خصّوا غير المستقلّ بالحرف فقط ، وأشركوا الإسم والفعل
____________________________
(١١) الزجاجي في الإيضاح : ٥٤.