دار أبي الحسن
بالليل ، ومعي سُلّم ، فصعدت منه إلى السطح ، ونزلت من الدرجة إلى بعضها في الظلمة
، فلم أدر كيف أصل إلى الدار ، فناداني أبو الحسن من الدار : يا سعيد ، مكانك حتى يأتوك
بشمعة ، فلم ألبث أن أتوني بشمعة ، فنزلت
فوجدت عليه جبّه صوف وقلنسوة منها ، وسجادته على حصير بين يديه ، وهو مقبل على
القبلة. فقال لي : دونك
البيوت ، فدخلتها وفتشتها فلم اجد فيها شيئاً ...
» .
ومرة اُخرى وشي بالإمام عليهالسلام إلى متوكل ، فأرسل الأتراك على حين غرّة
إلى دار الإمام ، وقد أمرهم هذه المرة بحمله عليهالسلام
إليه حتى وإن لم يجدوا ما يثير الريبة والاستغراب ، ذلك لأنّه كان عازماً على
الاستخفاف بالإمام عليهالسلام
بطرق اُخرى أمام ندمائه حينما لم يجد متسعاً لتنفيذ رغباته عن طريق سعاية الوشاة ،
وما كان يتوقع أن الإمام عليهالسلام
سوف يصفعه بعظات نزلت كالصاعقة على أسماعه وأسماع ندمائه ، لأنها تصور ما سيؤول إليه
أمره وأمر أمثاله من الطغاة عبيد الأهواء والشهوات.
روى المسعودي بالاسناد عن محمد بن يزيد
المبرد ، قال : « قد كان سعي بأبي الحسن علي بن محمد إلى المتوكل ، وقيل له : إن
في منزله سلاحاً وكتباً وغيرها من شيعته ، فوجّه إليه ليلاً من الأتراك وغيرهم من
هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره ، فوجده في بيت وحده مغلق عليه ، وعليه
مدرعة من شعر ، ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى ، وعلى رأسه ملحفة من الصوف
__________________