قال : وجدت المسيح
فاسلمت على يده. قال : وجدت المسيح ؟! قال : أو نظيره ، فإنّ هذه الفصدة لم يفعلها
في العالم إلا المسيح ، وهذا نظيره في آياته وبراهينه ، ثم انصرف إليه ولزم خدمته
إلى أن مات » .
وذكرنا في الفصل الثاني أن الإمام العسكري
عليهالسلام حبس أكثر من
مرّة ، ونقلت لنا الأخبار كيف كان تأثيره في محيط السجن بحيث انقلب المتصدّون
لسجنه من بغضه والحقد عليه إلى حبّه والإخلاص له ، ذلك لأن الانسان في السجن يعيش
حالة نفسية صعبة ، لكنهم وجدوه عليهالسلام
في أعلى درجات الارتباط بالله سبحانه وفي أعمق مواقع الاخلاص له تعالى.
روى ثقة الاسلام الكليني بالاسناد عن
محمد بن إسماعيل العلوي ، قال : « حُبس أبو محمد عليهالسلام
عند علي بن نارمش ، وهو أنصب الناس ، وأشدّهم على آل أبي طالب ، وقيل له : افعل به
وفعل ، فما أقام عنده الا يوماً حتى وضع خدّيه له ، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً
وإعظاماً ، فخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرةً وأحسنهم فيه قولاً » .
وهكذا يستسلم السجّان للسجين الذي لا يملك
حولاً ولا قوة غير تأثيره الروحي ، فيضع خديه له متذللاً خاضعاً ، ولا يرفع بصره إجلالاً
وهيبة ، لأنّه استطاع أن يقلب تفكيره ووجدانه وسلوكه ، فتحول من عدو شديد العداوة
إلى صديق شديد الصداقة ، بل تحول إلى داعية إلى الإمام عليهالسلام.
__________________