بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ. فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ) الآية (١).
أقول : على ما حقّقت المقال في صدر المبحث ، لا نأبى عن العمل بمقتضاها في الجملة ، وأكثرها واردة في المتعنّتين المعاندين الّذين ظهر عليهم الحقّ وتركوه تعنّتا وأقيم عليه الحجّة من الإرشاد والهداية وكانوا يقصّرون في النّظر ، ولا تدلّ على أنّ الجاهل الغافل والذي حصل له الاطمئنان ولو بتقليد غيره من جهة حسن ظنّه به ، والذي حصل له الظنّ بطرق ولا يمكنه تحصيل أزيد منه معاقبون على ذلك.
ثمّ إنّ هذه الآيات وما في معناها لا تدلّ على اشتراط العلم بمعنى اليقين المصطلح.
ودعوى أنّه حقيقة فيه عرفا ولغة ، ممنوعة ، بلّ القدر المسلّم من العرف واللّغة هو الجزم وعدم التّزلزل.
فقد تراهم يفسّرون اليقين في كتب اللّغة بالعلم وبزوال الشّك كما صرّح به الجوهري (٢) ، بل الظّاهر أنّ ما ذكروه في معنى اليقين اصطلاح أرباب الفنّ لا اصطلاح اللّغة والعرف ، بل هو في اللّغة والعرف يستعمل في مقابل الشّك والاحتمال.
والحاصل ، أنّ العلم مستعمل في معان :
منها : الصّورة الحاصلة في الذّهن التي قسّموها الى التصوّر والتصديق بأقسامه
__________________
(١) الزخرف : ٢٠ و ٢٥.
(٢) في «الصّحاح» ٦ / ٢٢١٩