العمر ، أو أغلبه فيه.
وأمّا ما ذكره البغداديّون فهو أيضا ضعيف ، لعموم الأدلّة. وضعف ما استندوا به من أنّ تجويز المستفتي على المفتي الخطأ يمنع من قبول قوله لعدم الأمن من الإقدام على القبيح ، وأنّه لا يجوز التقليد البحت في الأصول ، فإذا كان مكلّفا بالاجتهاد والعلم في الأصول فلا بدّ أن يكون متمكّنا منه ، وإلّا لزم التكليف بالمحال ، ومن تمكّن من الاجتهاد في الأصول فيتمكّن منه في الفروع أيضا ، لأنّها أشكل من الفروع وأكثر شبها منها.
ويرد على الأوّل ، أوّلا : منع كون مطلق تجويز الخطأ مانعا عن العمل ، وإلّا لامتنع على المجتهد لنفسه أيضا.
وثانيا : منع زوال تجويز الخطأ بذكر الدّليل كما لا يخفى.
وعلى الثاني منع كون الاجتهاد في الأصول أصعب ، فإنّها مبنيّة على قواعد عقليّة وشواهد ذوقيّة وجدانيّة يسهل إدراكها إجمالا لكلّ من التفت إليها ، وليس المطلوب فيها إلّا الدّليل الإجماليّ كما سنبيّنه ، مع أنّ مسائلها قليلة غاية القلّة في جنب الفروع ، وأدلّة الفروع جزئيّات متفرّقة متشتّتة ، وأكثرها مبنيّة على مدلولات خفيّة محفوفة باختلافات واختلالات لا يرجى زوالها في كثير منها.
ثمّ قال في «الذكرى» بعد العبارتين السّابقتين : وما ذكروه لا يخرج عن التّقليد عند التّحقيق ، وخصوصا عند من اعتبر حجّية خبر الواحد ، فإنّ في البحث عنه عرضا عريضا.
أقول : والظّاهر أنّ مراده أنّ الرّجوع الى إجماع العلماء والى النّصوص وغيرهما كما ذكروه ، مبنيّ على صحّة الاستدلال بالإجماع والنّصوص ، وهو من