وهذان القولان متوافقان لقول أبي حنيفة في الحكم وإن تخالفا في المأخذ ، لأنّ الاستثناء يرجع على القولين
الى الأخيرة فيثبت حكمه فيها ولا يثبت في غيرها كقول أبي حنيفة. لكن هؤلاء لعدم ظهور تناولها ، وأبو حنيفة لظهور عدم تناولها ، هكذا قرّره العضدي
وجماعة من الأصوليّين ، وليس مرادهم محض الموافقة في تخصيص الأخيرة. فإنّ قول
الشافعي أيضا موافق له في ذلك ، ولا أنّ غير الأخيرة باق على العموم على القولين
محمول على ظاهرها ليتّحدا في تمام الحكم مع قول الحنفيّة لينافي التوقّف والاشتراك
، بل مرادهم بيان موافقة القولين لقول أبي حنيفة من جهة لزوم تخصيص الأخيرة وعدم تخصيص غيرها ، وعدم التخصيص أعمّ من القول بالعموم ،
فعدم تخصيص الغير عند أبي حنيفة بحمله على العموم ، والعمل على ظاهر اللّفظ ،
ومأخذه الحمل على أصل الحقيقة ، وعندهما بالتوقّف في التخصيص وعدمه بسبب عدم معرفة
الحال ، ومأخذه إمّا تصادم الأدلّة أو الإجمال الناشئ عن الاشتراك ، فيظهر ثمرة
__________________