الخلاف (١) بين الحنفيّة وبينهما في أمرين :
أحدهما : أنّ غير الأخيرة في التخصيص غير معلوم الحال عندهما ، ومعلوم العموم عند الحنفيّة.
وثانيهما : أنّه لو استعمل في الإخراج عن غير الأخيرة أيضا كان مجازا عند الحنفيّة حقيقة عند السيّد محتملا لها عند الغزالي.
والعجب من الفاضل المدقّق الشيرواني حيث نفى الإشكال في موافقة القولين الأخيرين للقول الثاني في تمام الحكم ، وقال : يجب أن لا يعمل في غير الأخيرة أصحابهما إلّا على العموم ، لأنّ له صيغة خاصّة به دالّة عليه دلالة معتبرة ، ولم يتحقّق في الكلام دلالة أخرى يعارضها ، ومجرّد احتمال المعارض لا يكفي في الصّرف عنها ، وإلّا كان ذلك قائما على تقدير عدم الاستثناء أيضا ، والمفروض أنّ أصحاب المذهبين بحثوا ونقّبوا في المسألة الى آخر ما ذكره.
وفيه : أنّه لم يظهر من كلام الأصوليّين نسبة ذلك (٢) الى صاحب القولين ، ولا يظهر من كلامهم في بيان الموافقة إرادة ما ذكره ، بل كلامهم على ما ذكرنا أدلّ وأوفق.
ومرادهم مجرّد نسبة المخصّص الى الجمل من حيث ثبوت التخصيص لا من حيث إرادة العموم من غير الأخيرة وعدمه ، مع أنّ مقتضى تلك الأقوال أنّ
__________________
(١) بين الأقوال الأربعة أنّه على قول الشيخ والشافعية يكون استعمال الاستثناء في الإخراج من الجميع حقيقة ، وفي الإخراج عن الأخيرة خاصة مجازا ، وعلى قول الحنفية بعكس ذلك ، وعلى قول السيد حقيقة فيهما ، وعلى قول الغزالي غير معلوم الحقيقة والمجاز وكذا غير الأخيرة غير معلوم الحال عند الأخيرين ومعلوم العموم عند الثاني ومعلوم الخصوص عند الأوّل ، هذا كما في الحاشية.
(٢) أي العمل بالعموم في البواقي.