المشهور هو ما يقبله.
وقسّم الاعتقاد إلى هذين ، والظنّ وهو مفوّت للجهل المركّب.
وما قيل في دفعه : إنّ الجهل المركّب ما يقبل التشكيك مطلقا (١) ، بمعنى أنّه يمكن زواله بإقامة البرهان.
فيرد عليه : أنّ العلم أيضا ربّما يقبل التشكيك بإلقاء الشّبهة.
فإن قلت : المراد من قبول التشكيك احتمال نفس الأمر للخلاف لا مجرّد حصول الشكّ للمخبر.
فيرد عليه : أنّ الاعتقاد الجازم المشهوري الذي يقبل التشكيك ، ربّما يكون مطابقا للواقع أيضا. وكيف كان ، فالخبر المعلوم والمظنون والمجزوم به بالاعتقاد المشهوري ، صادق عند النّظام (٢) ، بخلاف الموهوم.
يعني إذا دلّ الخبر على الطرف الذي هو مرجوح عند المخبر ، فهو كاذب ، وكذا
__________________
(١) أي سواء كان عن دليل كالعلم أو عن غير دليل كالجزم.
(٢) ابراهيم بن سيار بن هانئ البصري ، أبو اسحاق النظّام (١٨٤ ـ ٢٣١ ه) من أئمة المعتزلة منطقي ، شاعر ، أصولي من شيوخ الجاحظ له مؤلفات كثيرة ذكر ابن النديم طرفا منها. وقد أنكر النظام حجّية الاجماع وردّه وألّف كتابا سمّاه «النكث في عدم حجّية الاجماع» وقال النظام في حق الصحابة قالوا : أنّه كلاما خبيثا لجعلهم الاجماع حجّة إذ قال : «إنّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله دعوا الناس الى اتباع الاجماع وراموا أن يتخذوا رءوسا ، فقرّروا الاجماع وأسندوا إليه ما يرون ، وأخذوا يحكمون مسترسلين فيما لا نهاية له وأصول الشريعة مضبوطة. كما أنكر النظّام ـ أيضا ـ أن يكون القياس طريقا الى إدراك الأحكام الشرعيّة واثباتها ، وقال : «النصّ إذا ورد بحكم من الأحكام فلا يجوز أن يحمل ما شاركه في العلّة عليه ويحكم فيه بمثل حكمه» وأنكر أيضا الحجّة من الأخبار التي لا توجب العلم الضروري.