وقد اختلفوا في تعريف صدق الخبر وكذبه على أقوال : المشهور الأقوى أنّ الصدق مطابقة الواقع ، والكذب عدم مطابقته ، للتبادر ، والإجماع على أنّ اليهودي إذا قال : الإسلام حقّ ، يحكم بصدقه ، وإذا قال خلافه يحكم بكذبه.
وذهب النّظام (١) ومن تبعه إلى أنّ الصدق مطابقته لاعتقاد المخبر وإن لم يطابق الواقع ، والكذب عدمها وإن طابق الواقع ، فقول القائل : السّماء تحتنا معتقدا ذلك ، صدق ، و : السّماء فوقنا غير معتقد ذلك كذب (٢).
والمراد بالاعتقاد ما يعمّ الظنّ ، وهو الاعتقاد الرّاجح مع احتمال النقيض عند المخبر ، والعلم (٣) ، وهو الحكم الذّهني الجازم الثابت المطابق للواقع الذي لا يزول بتشكيك المشكّك. والجهل المركّب وهو الحكم الجازم الغير المطابق سواء زال بتشكيك المشكّك أم لا. والاعتقاد المشهور أي الحكم الذّهني الجازم الذي يقبل التشكيك.
ثمّ إن أرادوا من قبول التشكيك في الاعتقاد المشهور (٤) ، القبول في بعض أفراده ، فيشمل العلم ، وإلّا فيخرج عنه العلم وما لا يقبل التشكيك من أفراد الجهل المركّب ، ويدخل فيه الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الذي يقبل التشكيك.
وربّما قيل (٥) : إنّ العلم هو الحكم الجازم الذي لا يقبل التشكيك ، والاعتقاد
__________________
(١) وكما عن «المطوّل» ص ١٧٣.
(٢) راجع «شرح المختصر» ص ١٩ ، و «الرعاية» ص ٥٦ للشهيد الثاني.
(٣) أي اليقين الاصطلاحي.
(٤) المذكور في تعريفه.
(٥) القائل بهذا هو التفتازاني في «المطوّل» ص ١٧٣ في مبحث ضبط أبواب علم المعاني إجمالا.