يكتنفها الغموض ، فهي كسائر حياة رجالات الشيعة تتناول ناحيتين احداها سياسية والاُخرى دينية ، وأساس الناحيتين واحد وليست الصفة هذه خاصة به بل ان قادة الشيعة وعلماءها كافة في جميع الأدوار والقرون كانوا كائمتهم الهداة عليهم السّلام رجال علم ودين وفقه واجتهاد ، ورجال سياسة وقيادة وسيف وحرب معاً.
لقد تضاربت النظريات حول الشريف الرضي ، كما تزاحمت في شخصية تلميذه شيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي ، ذلك العملاق العلمي الذي استقل بالزعامة الدينية وتقلّد شؤون الطائفة الإمامية والفتيا إلى أن توّفي عام ٤٦٠ هـ ، فقد ترجم له تقي الدين السبكي في «طبقات الشافعية» المجلد ٣ ص ٥١ ، وقال : إنّ أبا جعفر الطوسي كان ينتمي إلى مذهب الشافعي قدم بغداد وتفقّه على مذهب الشافعي. واحتذى حذوه شمس الدين الذهبي في كتابه «مناقب الشافعي وطبقات أصحابه» ، والحاجي خليفة في «كشف الظنون» المجلد ١ ص ٤٥٢ ، إلى غيره من الأقاويل التي لا مقيل لها في ظل الحقيقة ، وبعيدة كل البعد عن جادة الصدق والصواب والصحة. وهذه الناحية تخص تراجم رجالات الطائفة الإمامية فحسب ، ولا طريق لها في تراجم رجال المذاهب الإسلامية الاُخرى ، وإن شوهدت ففي نطاق ضيق ، وداخل اطار محدود.
وهذا إن دلّ على شيء فانّما يدلّ على جهل اُولئك المؤلفين برجال الشيعة وتصانيفهم ، ويكشف عن عدم دراستهم لمؤلفاتهم ليقفوا على صفحاتها ماينبىء عن واقع عقيدتهم ، وحقيقة معتقداتهم ولو بصورة سطحية ، هذا وربّما كان الحسد باعثاً على التمويه والخلط :
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا فضله |
|
فالناس أعداء له وخصوم |
كضرائر الحسناء قلن لوجهها |
|
حسداً وبغضاً إنّه لدميم |
امّا بالنسبة إلى أبي الحسن الرضي فهناك أعجب كلمة وأغرب قولة قالها شمس الدين الذهبي فقد جاء في كتابه «سير النبلاء» المجلد ٣ ص ٢٨٩ في حوادث سنة ٤٣٦ : وفيها توفي شيخ الحنفية العلامة المحدّث أبوعبدالله الحسين بن موسى الحسيني الشريف الرضي واضع كتاب «نهج البلاغة».
ان هذا القول مردود لجهات :