دِيارَاتُ الأَسَاقِفِ : الديارات جمع دير ، والأساقف جمع أسقف ، وهم رؤساء النصارى : وهذه الديارات بالنجف ظاهر الكوفة وهو أول الحيرة ، وهي قباب وقصور بحضرتها نهر يعرف بالغدير ، عن يمينه قصر أبي الخصيب وعن شماله السّدير ، وفيه يقول علي بن محمد ابن جعفر العلوي الحمّاني :
كم وقفة لك بالخور |
|
نق ما توازى بالمواقف |
بين الغدير إلى السّدي |
|
ر إلى ديارات الأساقف |
فمدارج الرهبان في |
|
أطمار خائفة وخائف |
دمن كأنّ رياضها |
|
يكسين أعلام المطارف |
وكأنما غدرانها |
|
فيها عشور في مصاحف |
بحريّة شتواتها ، |
|
برّيّة فيها المصائف |
دَيرُ إِسحاقَ : بين حمص وسلمية في أحسن موضع وأنزهه ، وبقربه ضيعة كبيرة يقال لها جدر التي ذكرها الأخطل فقال :
كأنّني شارب ، يوم استبدّ بهم ، |
|
من قرقف ضمّنتها حمص أو جدر |
ولأهل القصف والشعراء فيه أشعار كثيرة.
دَير الأَسْكُون : بفتح الهمزة ، وسكون السين المهملة ، وكاف مضمومة ، وآخره نون : وهو بالحيرة راكب على النجف ، وفيه قلالي وهياكل ، وفيه رهبان يضيّفون من ورد عليهم ، وعليه سور عال حصين ، وعليه باب حديد ، ومنه يهبط الهابط إلى غدير بالحيرة ، أرضه ورضراض ورمل أبيض ، وله مشرعة تقابل الحيرة لها ماء إذا انقطع النهر كان منها شرب أهل الحيرة ، قلت : هكذا وصف مصنفو الديارات هذا الدير ، ورأيت أنا في طريق واسط قرب دير العاقول موضعا يقال له الأسكون ، فإن كان الذي بالحيرة غيره وإلا فالصواب أنه في طريق واسط.
دَيرُ أَشمُوني : وأشموني امرأة بني الدير على اسمها ودفنت فيه ، وهو بقطربّل ، وكان من أجلّ متنزهات بغداد ، وفيه يقول الثّرواني :
اشرب ، على قرع النواقيس ، |
|
في دير أشموني بتفليس |
لا تخل كأس الشرب والليل |
|
في حدّ نعمى ، لا ولا بوس (١) |
إلا على قرع النواقي |
|
س ، أو صوت قسّان وتشميس |
وهكذا فاشرب ، وإلا فكن |
|
مجاورا بعض النواويس |
وعيد أشموني ببغداد معروف ، وهو في اليوم الثالث من تشرين الأول.
دَير الأَعلى : بالموصل في أعلاها على جبل مطلّ على دجلة ، يضرب به المثل في رقة الهواء وحسن المستشرف ، ويقال إنه ليس للنصارى دير مثله لما فيه من أناجيلهم ومتعبداتهم ، وظهر تحته في سنة ٣٠١ عدة معادن كبريتية ومرقشيثا وقلقطار ، ويزعم أهل الموصل أنها تبرئ من الجرب والحكة والبثور وتنفع المقعدين والزّمنى ، وإلى جانب هذا الدير مشهد عمرو بن الحمق الخزاعي صحابيّ ، وتضمّنه قوم من السلطان فصانع الديرانيون عنه حتى أبطل ، وفيه يقول أبو الحسين بن أبي البغل الشاعر وقد اجتاز
__________________
(١) قوله : والليل ، هكذا في الأصل ، بالوقوف على الحركة.