القاضي يحيى بن أكثم ، فقال له المأمون : ما يضحكك يا يحيى؟ قال : يا أمير المؤمنين هذا المنادي هو قاضي جبّل يثني على نفسه ، فضحك منه وأمر له بشيء وعزله وقال : لا يجوز أن يلي المسلمين من هذا عقله ؛ وينسب إليها جماعة من أهل العلم ، منهم : أبو عمران موسى بن إسماعيل الجبّلي رفيق يحيى بن معين ، حدث عن عمر ابن أبي جعفر خثعم اليماني وحفص بن سالم وغيرهما ؛ والحكم بن سليمان الجبّلي ، روى عن يحيى بن عقبة ابن أبي العيزار ، روى عنه عيسى بن المسكين البلدي ؛ وأبو الخطاب محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الجبّلي الشاعر ، كان من المجيدين ، وكان بينه وبين أبي العلاء المعرّي مشاعرة ؛ وفيه قال أبو العلاء قصيدته :
غير مجد ، في ملّتي واعتقادي ، |
|
نوح باك ولا ترنّم شادي |
ومات أبو الخطاب في ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وأربعمائة.
جَبَلَةُ : بالتحريك ، مرتجل ، اسم لعدة مواضع : منها جبلة ؛ ويقال : شعب جبلة الموضع الذي كانت فيه الوقعة المشهورة بين بني عامر وتميم وعبس وذبيان وفزارة ، وجبلة هذه : هضبة حمراء بنجد بين الشّريف والشرف ؛ والشريف : ماء لبني نمير ، والشرف : ماء لبني كلاب. وجبلة : جبل طويل له شعب عظيم واسع ، لا يرقى الجبل إلا من قبل الشعب ، والشعب متقارب وداخله متسع ، وبه عرينة بطن من بجيلة ؛ وقال أبو زياد : جبلة هضبة طولها مسيرة يوم ، وعرضها مسيرة نصف يوم ، وليس فيها طريق إلا طريقان ، فطريق من قبل مطلع الشمس ، وهو أسفل الوادي الذي يجيء من جبلة وبه ماءة لعرينة يقال لها سلعة ، وعرينة : حيّ من بجيلة حلفاء في بني كلاب ، وطريق آخر من قبل مغرب الشمس يسمّى الخليف ، وليس إلى جبلة طريق غير هذين ؛ وقال أبو أحمد : يوم شعب جبلة وهو يوم بين بني تميم وبين بني عامر بن صعصعة ، فانهزمت تميم ومن ضامّها ، وهذا اليوم الذي قتل فيه لقيط بن زرارة ، وهو المشهور بيوم تعطيش النوق برأي قيس بن زهير العبسي ، وكان قد قتل لقيطا جعدة بن مرداس ، وجعدة هو فارس خيبر ؛ وفيه يقول معقّر البارقي :
تقدّم خبيرا بأقل عضب ، |
|
له ظبة ، لما لاقى ، قطوف |
وزعم بعضهم أن شريح بن الأحوص قتله واستشهد بقول دختنوس بنت لقيط وجعل بنو عبس يضربونه وهو ميت :
ألا يا لها الويلات ، ويلة من هوى |
|
بضرب بني عبس لقيطا ، وقد قضى |
له عفروا وجها عليه مهابة ، |
|
ولا تحفل الصمّ الجنادل من ثوى |
وما ثأره فيكم ، ولكنّ ثأره |
|
شريح أرادته الأسنّة والقنا |
وكان يوم جبلة من أعظم أيام العرب وأذكرها وأشدها ، وكان قبل الإسلام بسبع وخمسين سنة ، وقبل مولد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، بسبع عشرة سنة ؛ وقال رجل من بني عامر :
لم أر يوما مثل يوم جبله ، |
|
لمّا أتتنا أسد وحنظله |
وغطفان والملوك أزفله ، |
|
نضربهم بقضب منتحلة |
وجبلة أيضا : موضع بالحجاز ؛ قال أبو بكر في الفيصل : منها أبو القاسم سليمان بن علي الجبلي الحجازي المقيم بمكة ، حدث عن ابن عبد المؤمن وغيره