الحديث ، ورعا ، وكان قد أتى البصرة في حاجة له ، ثم أراد الرجوع إلى المدينة ، فرافقه الفرزدق الشاعر. فلم يشعر أهل المدينة إلا وقد طلعا عليهم في محمل ، فعجب أهل المدينة لذلك. وكان الفرزدق يقول : ما رأيت رفيقا خيرا من بسر بن سعيد. وكان بسر يقول : ما رأيت رفيقا خيرا من الفرزدق (١).
قال الفرزدق :
لقيت أبا هريرة بالشام ، فقال لي : أنت الفرزدق؟ قلت : نعم ، قال : أنت الذي يقول الشعر؟ قلت : [نعم](٢) ، قال : اتق وانظر ، فلعلك إن بقيت تلقى قوما يخبرونك أن الله لن يغفر لك ، فلا تقنطنّ من رحمة الله (٣).
قال الفرزدق :
رأيت أنف عرفجة (٤) من ذهب ، وكان أصيب أنفه يوم الكلاب (٥) ، فاتخذ أنفا من فضة (٦) ، فأنتن عليه ، فرأيته بعد ذلك صنعه من ذهب. وزعم منصور بن سعيد أن النبي صلىاللهعليهوسلم أمره بذلك (٧).
قال الفرزدق (٨) :
خرجت من البصرة أريد العمرة ، فرأيت عسكرا في البرية (٩) ، فقلت : عسكر من هذا؟
__________________
(١) الخبر في الطبقات الكبرى لابن سعد ٥ / ٢٨٢ في ترجمة بسر بن سعيد ، وتهذيب الكمال ٣ / ٤٥ من طريق محمد ابن سعد.
(٢) بياض بالأصل ، واستدركت اللفظة للإيضاح.
(٣) الأغاني ٢١ / ٣٩٣ باختلاف الرواية.
(٤) هو عرفجة بن أسعد بن كرب التيمي ، بصري ، صحابي ، انظر ترجمته في أسد الغابة ٣ / ٥١٨ والإصابة ٢ / ٤٦٧ رقم ٥٥٠٨.
(٥) يوم الكلاب في الجاهلية. والكلاب بالضم : موضع بالدهناء بين اليمامة والبصرة ، وقيل ماء ما بين الكوفة والبصرة ، وقيل : ماء بين جبلة وشمام على سبع ليال من اليمامة انظر معجم البلدان. وهما يومان ، يوم الكلاب الأول ، ويوم الكلاب الثاني. انظر في روايتهما أيام العرب لأبي عبيدة ٢ / ٤٥ والعقد الفريد ـ بتحقيقي ـ ٥ / ١٩٢ ـ ١٩٤.
(٦) في أسد الغابة : ورق.
(٧) الحديث رواه أحمد بن حنبل في المسند ٧ / ٢٢ رقم ١٩٠٢٨ طبعة دار الفكر من طريق يزيد بن هارون أخبرنا أبو الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة ، وذكره.
(٨) الخبر باختلاف الرواية في الأغاني ٢١ / ٣٥٩ ـ ٣٦٠ وتاريخ الطبري ٦ / ٢١٨ والفتوح لابن الأعثم ٥ / ١٢٤.
(٩) كان لقاؤهما في الصفاح كما في الطبري ، والشقوق كما في الفتوح لابن الأعثم ، انظر معجم البلدان.