بين الحجارة وجعل طول حصنها مائة وستين ذراعا فى عرض مائة وعشرين ذراع بالذراع الملكى ، وساق إليها ماء النيل من بابها الشرقى ينحدر إلى الباب الغربى ويصب في صهاريج هناك ، وجعل فى وسط هذه المدينة عقاب كبير من ذهب مكلل بالجواهر واللؤلؤ منشور الجناحين قائم على عامود من الرخام ، يدور بتلك العقاب إلى الجهات الأربع [ق ٢٠٨ أ] فيقيم فى كل جهة من السنة ست أشهر ، وكان لهذا العقاب أربعة أعياد فى السنة فى الأوقات التى يتحول فيها العقاب فى كل سنة أشهر من السنة ، ونصب حوله التماثيل والعجائب وكان قد حسن له الشيطان عبادة هذه العقاب فبنا تلك المدينة وجعل فيها ذخائر وأمواله وسميت بمدينة العقاب لذلك.
ذكر مدينة الفيوم
أعلم أن مدينة الفيوم بناها يوسف نبى الله عليه السلام. قال ابن وصيف شاه : ولما كانت أيام فرعون يوسف عليه السلام وهو الذى تسميه أهل التواريخ العزيز ، وكان جميل الخلق حسن الهياته عاقلا منصفا للرعية عادلا فيهم وكان اسمه عند القبط نهراوش ، ويقال أنه كان أمن وكتم إيمانه خوفا من فساد أمره ، ويقال أنه أقام ملكا على مصر مائة وعشرين سنة.
وفى أيامه بنى يوسف مدينة الفيوم وكلن سبب ذلك إن يوسف عليه السلام لما ملك أرض مصر وعظمت [ق ٢٠٨ ب] منزلته من العزيز وكلن يوسف قد جاوز من العمر مائة سنة فوشا به بعض وزراء الملك وقالوا للملك أن يوسف قد قل علمه وتغير عقله فعفهم الملك عن ذلك ورد عليهم مقالتهم وأسالهم فكفوا عند ذلك ثم عاودوه بذلك القول مرة أخرى. فقال لهم الملك هلموا إلى شىء تختبروه به فيظهر لكم ما قلتوه عنه.
وكانت أرض الفيوم يومئذ تدعى بالجوبة وكانت لمغايض الماء الفاصلة عن المزارع والقرى فاجتمع رأيهم على أن يكون هذه هى المحفة التى تمحنون بها يوسف عليه السلام ، فقالوا للملك : سل أن يصرف ماء الجوبة ويخرجه منها فتزرع ويتزايد خراج بلدك ، فأحضر الملك يوسف وقال له أنت تعلم مكان ابنتى فلانة منى رأيت أن أصنع لها بلدا وأقطعها لها ، ولما رأه يصلح لذلك إلا هذه الجوبة وذلك أنه بلد قريب بعيد عن الشر والفتن وهى وسط أرض مصر فدبر لى أمرها. فقال يوسف. [ق ٢٠٩ أ] نعم أنها الملك أفعل ذلك إن شاء الله تعالى فأوحى الله إلى نبيه يوسف أن يحفر ثلاثة خلجان خليجا من أعلى الصعيد وخليجا شرقيا وخليجا غربيا ، فعند