حتى جعل باب داره من ذهب ، وجعل داره كلّها من صفائح الذهب ، وكان الملأ من بني إسرائيل يغدون إليه ويروحون ، يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده ؛ وكان مؤذيا لموسى صلىاللهعليهوسلم ، فلم تدعه القسوة (١) والبلاء حتى أرسل إلى امرأة من بني إسرائيل مذكورة بالجمال ، [تذكر بريبة](٢) فقال لها : هل لك على أن أموّلك وأن أعطيك وأن أخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهى موسى عني؟ قالت : بلى ، فلمّا أن جاء أصحابه واجتمعوا عنده دعاهم فقامت على رءوسهم فقلب الله قلبها ورزقها التوبة ، فقالت : ما أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذّب عدو الله وأبرّئ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقالت : إنّ قارون بعث إليّ فقال : هل لك إلى أن أموّلك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني إسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهى موسى عني؟ وإني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذّب عدو الله وأبرئ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : فنكس قارون رأسه وعرف أنه قد هلك ، وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى صلىاللهعليهوسلم ، وكان موسى شديد الغضب ، فلمّا بلغه ذلك توضأ ثم صلّى فسجد وبكى ، وقال : يا رب عدوك قارون كان لي مؤذيا ، فذكر أشياء ثم لم يتناهى (٣) حتى أراد بي فضيحة ، يا ربّ فسلّطني عليه ، فأوحى الله إليه إذا : مر الأرض بما شئت تطيعك ، قال : فجاء موسى يمشي إلى قارون ، فلمّا رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال : يا موسى ارحمني ، فقال موسى عليه الصلاة والسلام : يا أرض خذيهم ، فاضطربت داره ، فخسف به وبأصحابه حتى تغيّبت أقدامهم وساخت داره على قدر ذلك ، قال : فجعل يقول : يا موسى ارحمني ، ويقول موسى. يا أرض خذيهم ، فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه وبداره فلمّا خسف به قيل له : يا موسى ما أفظّك ، أما دعاك (٤) لرحمته.
قال : وقال أبو عمران الجوني : فقيل لموسى : لا أعبّد الأرض بعدك أبدا.
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا رضوان بن أحمد الصيدلاني ـ إجازة ـ نا أحمد بن عبد الجبّار العطاردي ، نا أبو
__________________
(١) الطبري : فلم تدعه شقوته والبلاء.
(٢) الزيادة عن م ود. والذي في تاريخ الطبري : مشهورة بالخنا ، مشهورة بالسب.
(٣) كذا بالأصل وم ود.
(٤) كذا الجملة بالأصل ، وفي م : «أما ... دعا لرحمته» وفي د : «أما ... إياي دعا لرحمته» والعبارة في تاريخ الطبري : ما أفظك ، أما وعزتي لو إياي نادى لأجبته.