له : هل لك (أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ ، فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ ، وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ، سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ)(١) ، ففعل ، فكانت على نبي الله موسى صلىاللهعليهوسلم ثمان سنين واجبة ، وكانت سنتان عدة منه ، فقضى الله عنه عدته وأتمّها عشرا.
قال سعيد (٢) : فلقيني رجل من أهل النصرانية من علمائهم فقال : هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت : لا ، وأنا يومئذ لا أدري ، فلقيت ابن عبّاس ، فذكرت ذلك له فقال : أما علمت أن ثمانيا كانت على نبي الله صلىاللهعليهوسلم واجبة ، لم يكن نبي الله لينقص منها شيئا؟ وتعلم أنّ الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعد فإنه قضى عشر سنين ، فلقيت النصراني ، فأخبرته ذلك ، فقال : الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك؟ قلت : أجل ، وأولى ، فلما سار موسى بأهله كان من شأنه ما قصّ الله عليه في القرآن وأمر العصا ويده ، فشكا إلى ربّه ما يتخوّف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه (٣) ، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام ، فسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون له ردأ يتكلم عنه بكثير مما [لا](٤) يفصح به لسانه ، فآتاه الله سؤله ، وحل عقدة من لسانه ، وأوحى الله إلى هارون يأمره أن يلقاه ، فاندفع موسى بعصاه حتى لقي هارون ، فانطلقا جميعا إلى فرعون ، فأقاما على بابه حينا ، لا يؤذن لهما ، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ)(٥) ، قال : (فَمَنْ رَبُّكُما يا مُوسى؟)(٦) فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن قال : فما تريدان ، وذكره القتيل فاعتذر بما قد سمعت ، قال : أريد أن تؤمن بالله ، وأن ترسل معي بني إسرائيل ، قال : فأبى عليه ذلك ، وقال : ائت (بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(٧) فألقى عصاه ، فإذا هي حية عظيمة فاغرة فاها ، مسرعة إلى فرعون ، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها ، فاقتحم عن سريره واستغاث بموسى أن يكفّها عنه ، ففعل ، ثم أخرج يده من جيبه أو قال من جبته ، فرآها (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ)(٨) يعني : من غير برص ، ثم ردّها فعادت إلى لونها الأول ، فاستشار
__________________
(١) سورة القصص ، الآية : ٢٧.
(٢) يعني سعيد بن جبير ، وهو راوي الحديث عن ابن عباس.
(٣) الأصل وم ود : «وعقد لسانه» والمثبت عن البداية والنهاية.
(٤) زيادة عن البداية والنهاية.
(٥) سورة طه ، الآية : ٤٧.
(٦) سورة طه ، الآية : ٤٩.
(٧) سورة الشعراء ، الآية : ١٥٤ وفي التنزيل العزيز : فأت.
(٨) سورة القصص ، الآية : ٣٢.