أفكلامك أسمع أو رسولك ، قال : لا ، بل أنا الذي أكلمك ، فادن مني ، ثم قال له : إنّي قد أقمتك اليوم في مقام لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك ، أدنيتك وقرّبتك حتى سمعت كلامي ، وكنت بأقرب الأمكنة مني ، فانطلق برسالتي ، فإنك بعيني (١) وسمعي ، وأنا معك أيدي ونصري ، وإني قد ألبستك بجبّة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري ، وأنت جند من جندي ، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي ، بطر نعمتي وأمن مكري ، وغرّته الدنيا عني حتى جحد حقي ، وأنكر ربوبيتي (٢) ، وعبد دوني ، وزعم أنه لا يعرفني ، وإنّي أقسم بعزّتي لو لا العذر والحجة اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السموات والأرض ، والجبال والبحار ، فإن أمرت السماء حصبته ، وإن أمرت الأرض ابتلعته ، وإن أمرت الجبال دمّرته ، وإن أمرت البحار غرّقته ، ولكن هان علي ، وسقط من عيني ، ووسعه حلمي ، واستغنيت بما عندي ، وحولي (٣) ، أنا الغني لا غنيّ غيري ، فبلّغه رسالتي وادعه إلى عبادتي ، وتوحيدي ، وإخلاص اسمي ، وذكّره أيامي ، وحذّره نقمتي وبأسي ، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي ، وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم ، أنا أبو الحسن بن أبي الحديد ، أنا جدي أبو بكر ، أنا محمّد بن يوسف ، أنا محمّد بن حماد ، أنا عبد الرزّاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله تعالى : (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ)(٤) قال : من غير برص.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد ، نا داود بن عمرو ، نا عفيف بن سالم ، أنا قرة ، عن الحسن : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) ، قال : أخرجها كأنها ـ والله ـ المصباح ، فعلم موسى أنه قد لقي ربّه.
أخبرنا (٥) أبو الحسن علي بن المسلم ، أنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد ، أنا أبو القاسم عبد الرّحمن بن عبد العزيز بن الطّبيز ، أنا محمّد بن عيسى العلّاف ، نا محمّد بن يونس ، أنا أبو علي الحنفي ، نا قرّة ، عن الحسن في قوله تعالى : (بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) قال : أخرجها ـ والله ـ كأنها الثلج ، فعلم موسى أن قد لقي ربه.
__________________
(١) كذا بالأصل ود ، و «ز» ، وم هنا : «بعيني وسمعي» ومرّ في الرواية قبلها : فإنك تسمعني وتعيني.
(٢) بالأصل : «نكر حقي ، وجحد ربوبيتي» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «وحق لي» والتصويب عن د ، و «ز» ، وم.
(٤) سورة القصص ، الآية : ٣٢.
(٥) كتب فوقها في د ، و «ز» : ملحق.