أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ عليّ إسناده ، أنبأ محمّد بن الحسين ، أنا المعافى بن زكريا القاضي (١) ، نا أبو النّضر (٢) العقيلي ، نا أبو إسحاق الطلحي ، نا أحمد بن معاوية قال : قال ابن الكوفي : لما قدم المهلّب على الحجّاج بعد فراغه من أمر الأزارقة وقتالهم ، أكرمه الحجّاج وشرفه وبلغ به الغاية ، قال : فخرج الحجّاج يوما آخذا بيد المهلّب ، حتى انتهى إلى المحراب ، قام ثم قال : يا أبا سعيد ، أنا أطول أم أنت؟ فقال : الأمير أطول مني ، وأنا أشخص منه ، فلما انصرف من صلاته أخذ بيده فأدخله معه ، ثم قال له : سجستان خير ولاية أم خراسان؟ قال : سجستان ، قال : وكيف؟ قال : لأنها ثغر كابل (٣) وزابلستان (٤) وإن خراسان ثغر الترك ، قال : أيّهما أحبّ إليك أن يليه رجل مثلك؟ قال : إنّ أمثالي في الناس لكثير وما نحن حيث ترى الناس. قال : سر إلى سجستان ، قال : غيري خير لك فيها مني ، وأنا بخراسان خير لك من غيري ، قال : ولم؟ قال : لأن بدء نعمة الله علي بعد الإسلام كان في غزوتي خراسان مع الغفاري ، وابن أبي بكرة بسجستان خير لك مني لأن أهلها أحبوه لحسن أياديه فيهم ، وأنا بخراسان خير لك منه ، قال : وما كنت تلي من أمر الغفاري؟ قال : كنت فيمن صحبه ، فلما تركنا بيهق (٥) ودنونا من عدونا قال الغفاري : هل من فوارس ينظرون لنا أمامنا وإن أصابوا أحدا أتوا به؟ فانتدب منا مع صاحب شرطه عشرة فوارس ، فلقينا عدة من عدونا ، فقال أصحابي : قد عاينّا طلائع القوم فانصرفوا ، فقلت : وما عليكم أن نشامّهم؟ فأبوا (٦) وانصرفوا فتقدمت فقتل الله العشرة على يدي ، ثم انصرفت برءوسهم ودوابّهم وأسلابهم ، وقد كان أصحابي نعوني (٧) إلى الغفاري ، فلما رآني ضحك وقال :
با القوم عند عيان الرهان |
|
ونال (٨) المهلّب حظّ الفرس |
ففاز المهلّب بالمكرمات |
|
وآب عمير بحد التّعس |
__________________
(١) رواه القاضي المعافى بن زكريا الجريري في الجليس الصالح الكافي ٣ / ٣٧٠.
(٢) بالأصل و «ز» : النصر ، والمثبت عن د ، والجليس الصالح.
(٣) كابل : بين الهند ونواحي سجستان ، أو هو اسم يشمل الناحية وهي من ثغور طخارستان (راجع معجم البلدان).
(٤) زابلستان : كورة واسعة جنوبي بلخ وطخارستان (راجع معجم البلدان).
(٥) بيهق : ناحية كبيرة كثيرة البلدان ، من نواحي نيسابور (راجع معجم البلدان).
(٦) الأصل : «فأتوا» وبدون إعجام في «ز» ، والمثبت عن د ، والجليس الصالح.
(٧) تقرأ بالأصل و «ز» ، ود : «بعثوا» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٨) بالأصل و «ز» ، ود : «وقال» والمثبت عن الجليس الصالح.