وجداها فلا يستطيعا حملها ، حتى يأتيا بالفأس فيضربان وسطها ، فيأخذ أحدهما نصفها والآخر نصفها ، فنشر (١) معها شرا (٢) ، وقال ليس معها ... (٣) والناس مشتغلون بغير ذلك ، قال الليث : ولقد سمع يومئذ منادي (٤) ينادي لا يعرفونه ولا يرونه : أيها الناس ، إنه قد فتح عليكم باب من أبواب جهنم.
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلم ، عن رشأ بن نظيف ، أنا أبو محمّد عبد الرّحمن بن عمر ، نا أبو عمر الكندي قال : فحدّثني عاصم بن رازح الخولاني ، نا أبو قرة الرعيني عن أبيه أبي خليفة ، حدّثني الحسن بن معاوية بن مروان النصيري ، حدّثني ابن أبي ليلى التّجيبي أنه سمع شيخا من مشايخهم كان عالما بأمور المغرب يقول :
لما دخل موسى بن نصير أفريقية أقام بها أشهرا يغزو أطرافها ، فلمّا كان من عامه ذلك في رمضان ودنا العيد ، لم يشعر الناس به إلّا وقد صعد المنبر ، فأمر بالأبواب فأخذت على الناس فارتاعوا لذلك ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد أيها الناس ، فإنكم قد أصبحتم في نحور عدوكم ، وبأقصى ثغر من ثغوركم ، أبعده شقة ، وأشده انتياطا (٥) بدار قد شحطت عن دياركم ، ومصر قد نأى عن أمصاركم ، بين عدو كلب عليكم قد قربت داره منكم ، فأنتم منه بمرأى ومسمع ، وكفى بالله نصيرا ، وقد رأيت ضعفا من قوتكم ، ورثاثة من عدّتكم ، وقد عزمت على قسم فيئكم بينكم ، فإن يمضه أمير المؤمنين فحقكم أؤدي إليكم ، وإن يكن له رأي غير ذلك أكن له به كفيلا ، وقد أمرت لكم من مالي بمعونة وهي مني لكم في كلّ عام إن شاء الله ، ففي ذلك يقول زائدة بن الصلت الغسّاني ، وكان من فرسان المغرب المعدودين :
قد سن موسى سنّة وأثرا |
|
مآثرا محمودة لن تنكرا |
بالقيروان فاق فيها البشرا |
|
ما سنّه من قبله فيؤثرا |
__________________
(١) كذا رسمها.
(٢) كذا رسمها.
(٣) بياض بالأصل ، وم ، ود ، و «ز».
(٤) كذا بالأصل ، ود ، و «ز» ، وم : منادي ، بإثبات الياء.
(٥) انتاط : بعد. (القاموس).