قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإكتفا [ ج ٢ ]

569/632
*

وفى بعض ما ذكره الطبرى (١) عن سيف عن شيوخه أن انبعاث الأعاجم للاجتماع بنهاوند كان بدؤه فى زمان سعد بن أبى وقاص بالكوفة ، وإليه بلغ الخبر فأعلم به عمر ، ثم انبرى لسعد قوم تشكوا منه ظالمين له إلى عمر ، أحدهم الجراح بن سنان الأسدي ، فاستقدمه عمر مع محمد بن مسلمة ، بعد أن وجه محمدا لسؤال أهل الكوفة عنه ، والطواف به على مساجدها ، فكلهم يقول إذا سئل : لا نعلم إلا خيرا ، ولا نشتهى به بدلا ، إلا الجراح وأصحابه فإنهم كانوا يسكتون ، يتعمدون ترك الثناء ، ولا يسوغ لهم قول الشر ، حتى انتهوا إلى بنى عبس ، فقال محمد : أنشد الله رجلا علم حقا إلا قاله. فقال أسامة بن قتادة : اللهم إذ نشدتنا فإنه لا يقسم بالسوية ، ولا يعدل فى الرعية ، ولا يغزو فى السرية. فقال سعد : اللهم إن كان قالها كاذبا رياء وسمعة فأعم بصره ، وأكثر عياله ، وعرضه لمضلات الفتن. فعمى ، واجتمع عنده عشر بنات ، وكان يسمع بخبر المرأة فيأتيها حتى يجسها ، فإذا غير عليه يقول : دعوة سعد الرجل المبارك.

ثم أقبل سعد يدعو على أولئك النفر الذين انبروا له وخرجوا إلى عمر متشكين به ، فقال : اللهم إن كانوا خرجوا أشرا وبطرا وكذبا فأجهد بلاءهم ، ففعل الله ذلك بهم ، فقطع جراح بالسيوف يوم ثاور الحسن بن على ليغتاله بساباط ، وشدخ قبيصة بالحجارة ، وقتل أربد بالوجء وبنعال السيوف. وقال سعد : والله إنى لأول رجل هراق دما فى المشركين ، ولقد جمع لى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أبويه ، وما جمعهما لأحد قبلى ، ولقد رأيتنى خمس الإسلام ، وبنو أسد تزعم أنى لا أحسن أصلى وأن الصيد يلهينى. وخرج محمد بن مسلمة به وبهم حتى قدموا على عمر ، فقال : يا سعد ، ويحك! كيف تصلى؟ فقال : أطيل الأوليين ، وأحذف الأخريين ، فقال : هكذا الظن بك ، ثم قال : لو لا الاحتياط لكان سبيلهم بيننا ، ثم قال : من خليفتك يا سعد على الكوفة؟ فقال : عبد الله بن عبد الله بن عتبان ، فأقره عمر واستعمله.

قال (٢) : فكان سبب نهاوند وبدء مشورتها وبعوثها فى زمان سعد ، وأما الوقعة ففى زمان عبد الله.

وكان من حديثهم أنهم نفروا لكتاب يزدجرد ، فتوافوا إلى نهاوند مائة وخمسين ألف مقاتل ، واجتمعوا على الفيرزان ، وإليه كانوا توافوا ، ثم قالوا : إن محمدا الذي جاء العرب بالدين لم يغرض غرضا ، يريدون النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قالوا : ثم ملكهم أبو بكر من بعده فلم يغرض

__________________

(١) انظر : الطبرى (٤ / ١٢٠).

(٢) انظر : الطبرى (٤ / ١٢٢).