المسلمون نحو حمص عبر الماء فنزل الرها ، فلم يزل بها حتى إذا فتحت قنسرين ، وقتل ميناس خنس عند ذلك إلى سميساط (١) حتى إذا فصل منها نحو أرض الروم على شرف ، فالتفت نحو سورية وقال : عليك السلام يا سورية ، سلاما لا اجتماع بعده ، ولا يعود إليك رومى أبدا إلا خائفا ، حتى يولد المولود المشئوم ، ويا ليته لا يولد ، ما أحلى فعله ، وما أمر عاقبته على الروم. ثم مضى حتى نزل قسطنطينية.
وهذا مقتضب من أحاديث متفرقة ذكرها سيف فى كتابه.
جمع الروم للمسلمين
ثم نعود إلى صلة ما قطعنا قبل من الحديث عن وفد أهل إيلياء وقيسارية القادم على هرقل ، إذ قد وعدنا بذكره حسب ما ذكره من ذلك أصحاب فتوح الشام فى كتبهم.
وذلك أن أهل قيسارية وأهل إيلياء تواطئوا بعد يوم فحل وتآمروا ، أن يبعثوا وفدا منهم إلى هرقل بأنطاكية ، فيخبروه بتمسكهم بأمره وإقامتهم على طاعته وخلافهم العرب ، ويسألونه المدد والنصر. فلما جاءه وفدهم هذا رأى أن يبعث الجنود ويقيم هو بأنطاكية ، فأرسل إلى رومية والقسطنطينية ، وإلى من كان من جنوده وعلى دينه من أهل الجزيرة وأرمينية ، وكتب إلى عماله أن يحشروا إليه كل من أدرك الحلم من أهل مملكته فما فوق ذلك إلى الشيخ الفانى ، فأقبلوا إليه ، وجاء منهم ما لا تحمله الأرض ، وجاءه جرجير صاحب أرمينية فى ثلاثين ألفا ، وآتاه أهل الجزيرة ، ونزع إليه أهل دينه وجميع من كان فى طاعته ، فدعا باهان ، وكان من عظمائهم وأشرافهم ، فعقد له على مائة ألف ، ودعا ابن قماطر فعقد له على مائة ألف فيهم جرجير ومن معه من أهل أرمينية ، ودعا الدرنجار فعقد له على مائة ألف ، ثم أعطى الأمراء مائة ألف ، مائة ألف ، وأعطى باهان مائتى ألف ، وقال لهم : إذا اجتمعتم فأميركم باهان ، ثم قال : يا معشر الروم ، إن العرب قد ظهروا على سورية ، ولم يرضوا بها حتى تعاطوا أقصى بلادكم ، وهم لا يرضون بالبلاد والمدائن والبر والشعير والذهب والفضة حتى يسبوا الأمهات والبنات والأخوات والأزواج ، ويتخذوا الأحرار وأبناء الملوك عبيدا ، فامنعوا حرمتكم وسلطانكم ودار ملككم (٢).
__________________
(١) سميساط : بلد من بلد العجم ، منها السميساطى رجل من العجم كان موصوفا بالورع والزهد.
انظر الروض المعطار (٣٢٣).
(٢) انظر هذا الخبر وما بعده فى : تاريخ فتوح الشام (١٥١ ـ ١٥٩).