بك ، صرفه إلى سعد ، وكتب إليه : أن بعه واقسم ثمنه على من أفاءه الله عليهم.
قال رجال سيف (١) : ولما أتى عمر بحلى كسرى وزيه فى المباهاة ، وفى غير ذلك ، وكانت له عدة أزياء لكل حالة زى ، قال : علىّ بمحلم ، وكان أجسم عربى يومئذ بأرض المدينة ، فألبس تاج كسرى على عمودين من خشب ، وصب عليه أوشحته وقلائده وثيابه ، وأجلس للناس ، فنظر إليه عمر ، ونظر إليه الناس ، فرأوا أمرا عظيما من أمر الدنيا وفتنتها ، ثم قام عن ذلك ، فألبس زيه الذي كان يلبسه ، فنظروا إلى مثل ذلك فى غير نوع ، حتى أتى على الأزياء كلها ، ثم ألبسه سلاحه ، وقلده سيفه ، فنظروا إليه فى ذلك ، ثم وضعه ثم قال : والله إن أقواما أدوا هذا لذووا أمانة ، ونفل سيف كسرى محلما ، هكذا وقع ذكر محلم فى هذا الحديث ، ولا أعرف ولا أعلم فى ذلك الصدر من اسمه محلم إلا محلم بن جثامة ، ويقال : إنه توفى على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقصته فى الدم الذي أصابه ، والعفو عند وجوب القود ، ودعاء النبيّ صلىاللهعليهوسلم لما مثل بين يديه ، قصة مشهورة.
وقد قيل : إنه عاش بعد النبيّ صلىاللهعليهوسلم فالله أعلم.
وكذلك قيل : إن الذي ألبسه عمر سوارى كسرى هو سراقة بن مالك المدلجى.
وروى سفيان بن عيينة عن أبى موسى ، عن الحسن أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لسراقة بن مالك (٢) : «كيف بك إذا لبست سوارى كسرى؟» (٣) قال : فلما أتى عمر بسوارى كسرى ومنطقته وتاجه دعا سراقة فألبسه إياهما ، وكان سراقة رجلا أزب كثير شعر الساعدين ، وقال له : ارفع يديك فقل : الحمد لله ، الله أكبر ، الحمد لله الذي سلبهما كسرى بن هرمز الذي كان يقول : أنا رب الناس ، وألبسهما سراقة بن مالك بن جعشم أعرابيا من بنى مدلج ، ورفع بها عمر صوته.
وذكر أبو الحسن المدائنى فى فتوح العراق خبر المدائن ، فخالف فيه كثيرا مما تتقدم وزاد ونقص ، وسأذكر من ذلك ما يحسن ذكره على سبيل الاختصار والتوخى لحذف ما يكون ذكره تكرارا إلا ما يعتاض فضله من الحديث للحاجة إليه.
__________________
(١) انظر : الطبرى (٢٢ ، ٢٣).
(٢) انظر ترجمته فى : الإصابة ترجمة رقم (٣١٢٢) ، أسد الغابة ترجمة رقم (١٩٥٥) ، الثقات (٣ / ١٨٠) ، تجريد أسماء الصحابة (١ / ٢١٠) ، تقريب التهذيب (١ / ٢٨٤) ، تهذيب التهذيب (٣ / ٤٥٦) ، تهذيب الكمال (١ / ٤٦٦) ، الجرح والتعديل (٤ / ١٣٤٢) ، شذرات الذهب (١ / ٣٥) ، العبر (١ / ٢٧) ، العقد الثمين (٤ / ٥٢٣).
(٣) انظر الحديث فى : إتحاف السادة المتقين للزبيدى (٧ / ١٨) ، الشفاء للقاضى عياض (١ / ٦٧٤).