قوله : «فأسكت رسول الله»!! فإنه مناف للأدب معه «صلىاللهعليهوآله» ، كما أنه مجانب للحقيقة ..
والحقيقة هي : أنه «صلىاللهعليهوآله» قد سكت عن رجل ضعيف البصيرة ، خامل التفكير ، سقيم النظر ، ومؤثرا عدم بسط القول معه ؛ لأن ذلك الاسترسال ، قد يؤدي إلى تسليط الضوء على أمور ليس من المصلحة التعرض لها.
وبقي هذا الاحتياط النبوي بحمل السلاح هو الإجراء الصحيح والضروري ، وهو الموافق للحكمة والتدبير السليم ، إذ لم يكن من الجائز للعاقل الأريب أن يظهر من نفسه الغفلة والاستنامة ، مع عدو عرف بالغدر ، والانطواء على نوايا مدخولة ، وأهداف شريرة.
يضاف إلى ما تقدم : أن من المصلحة تعريف الناس بحقيقة هذا العدو الذي يواجهه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وأنه عدو غير مأمون على الوفاء بتعهداته ، وأن نهجه خياني وغادر ، في حين لم يزل نفس ذلك العدو يشهد له «صلىاللهعليهوآله» بأنه لم يزل يعرفه بالوفاء والاستقامة ، من صغره إلى كبره ، وفي جميع الأوقات والحالات ..
وآخر ما نقوله هنا هو : أن المقصود من جعل السلاح قريبا منه : هو إرهاب ذلك العدو ، وتعريفه بأن التفكير في غير سياق الوفاء بالعهود ، سوف يعيد الأمور إلى مجراها الأول وهو مقاومة الظلم والبغي ، وأن ليس ثمة أي خلل أو قصور في التصميم على نشر هذا الدين ، وأن العزم لا يزال منعقدا على متابعة المسيرة ، فلا مجال للمساومة ، ولا للتراخي في شيء من الحقوق التي جعلها الله تعالى للمسلمين والمستضعفين ، مهما طال الزمن ،