قبالات ، وجعلها بتصرفهم) الأرض ، وعاملهم على نحو ما عامل عليه أهل خيبر.
٤ ـ وإن هذا العدوان السافر ، الذي باشروه ، قبل أي سؤال أو جواب ، لم يمنع النبي «صلىاللهعليهوآله» من أن يعاملهم بالرحمة والشفقة ، فهو في نفس الوقت الذي يهيئ فيه جيشه ، ويرفع من مستوى استعداده للردع ـ حيث عبأه ، وأعطى الألوية والرايات لأهلها ـ لم يبادر إلى المقابلة بالمثل ، بل دعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم بما لهم إن أسلموا ، وأعلمهم أنه ليس له طمع بأموالهم ، بل المطلوب منهم هو الكف عن العدوان أولا ، ثم إنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم .. فالمطلوب منهم هو إعلان الإسلام ، والحال أنه ليس مسؤولا عن دخائلهم ، وما في ضمائرهم. بل حسابهم في ذلك على الله تعالى ..
وقد يقال : بأن دعوة الناس إلى الإسلام بهذا الشكل ـ أعني مجرد إعلان الشهادتين ـ قد تشجع الناس على النفاق ، لحقن دمائهم ، وحفظ أموالهم ، وهذا يشكل تهديدا حقيقيا للإسلام فيما بعد؟!!
ونجيب :
إن هذا المحذور غير وارد ، من حيث إن ذلك لا يشجع على النفاق ، بل هو أول خطوة هامة جدا في سلسلة التنازلات ، التي تسقط الإصرار على المقاومة ، وتهيئ للإندماج الثقافي ، واعطاء المجال لإعمال الفكر والتعقل والتدبر في أمر هذا الدين ورفع العوائق عن ممارسة الحوار البناء الذي هو الخطوة الأهم على طريق الوصول إلى أسلمة المجتمعات تدريجا من خلال طي مراحل من التنازلات ، التي تبقى تحت السيطرة والهيمنة في نطاق