وقال ثمامة حين أسلم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقد كان وجهك أبغض الوجوه إلىّ فأصبح وهو أحب الوجوه إلىّ ، ولقد كان دينك أبغض الدين إلىّ فأصبح وهو أحب الأديان إلىّ ، ولقد كان بلدك أبغض البلاد إلىّ فأصبح وهو أحب البلاد إلىّ. ثم قال : يا رسول الله ، إن خيلك أخذتنى وأنا أريد العمرة فأذن لى يا رسول الله. فأذن له فخرج معتمرا فلما قدم مكة قالوا : صبأت يا ثمامة. قال : لا ولكنى اتبعت خير الدين دين محمد ، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئا ، فكتبوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم : إنك تأمر بصلة الرحم وإنك قد قطعت أرحامنا. فكتب إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن خل بين قومى وبين ميرتهم. ففعل (١).
ويقال : إنه لما كان ببطن مكة فى عمرته لبى فكان اول من دخل مكة يلبى ، فأخذته قريش فقالوا : لقد اجترأت علينا. وهموا بقتله ثم خلوه لمكان حاجتهم إليه وإلى بلده فقال بعض بنى حنيفة :
ومنا الذي لبى بمكة معلنا |
|
برغم أبى سفيان فى الأشهر الحرم |
وبعث علقمة بن مجزز المدلجى لما قتل وقاص بن مجزر اخوه يوم ذى قرد ، وسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يبعثه فى آثار القوم ليدرك ثأره فيهم ، فبعثه فى نفر من المسلمين ، قال أبو سعيد الخدرى : وأنا فيهم ، حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمى وكانت فيه دعابة ، فلما كان ببعض الطريق أوقد نارا ثم قال للقوم : أليس لى عليكم السمع والطاعة؟ قالوا : بلى. قال : فما آمركم بشيء إلا فعلتموه؟ قالوا : نعم. قال : فإنى أعزم عليكم بحقى وطاعتى إلا تواثبتم فى هذه النار. فقام بعض القوم يحتجز حتى ظن أنهم واثبون فيها. فقال لهم : اجلسوا فإنما كنت أضحك معكم. فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه»(٢).
ويقال : إن علقمة بن مجزر رجع هو وأصحابه ولم يلق كيدا (٣).
وبعث كرز بن جابر. وذلك أن نفرا من قيس كبة من بجيلة قدموا على رسول الله
__________________
(١) انظر : السيرة (٤ / ٢٦٠ ـ ٢٦١).
(٢) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٣ / ٦٧) ، سنن ابن ماجه (٢ / ٢٨٦٣) ، طبقات ابن سعد (٢ / ١٦٣) ، صحيح ابن حبان (٧ / ٤٥٤٠).
(٣) انظر : السيرة (٤ / ٢٦٢).