هابت الأعداء جانبنا |
|
ثم تغزونا بنو سلمه |
وأتانا مالك بهم |
|
ناقضا للعهد والحرمه |
ولما فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من رد سبايا حنين إلى أهلها ركب واتبعه الناس يقولون : يا رسول الله ، اقسم علينا فيئنا. للإبل والغنم ، حتى ألجئوه إلى شجرة فاختطفت عنه رداءه فقال : «ردوا على ردائى أيها الناس ، فو الله إن لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعما لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتمونى بخيلا ولا جبانا ولا كذوبا» (١).
ثم قام إلى جنب بعير فأخذ وبرة من سنامه فرفعها ثم قال : «أيها الناس ، والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخائط والمخيط ، فإن الغلول يكون على أهله عارا وشنارا ونارا يوم القيامة» ، فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال : يا رسول الله ، أخذت هذه الكبة أعمل بها برذعة بعير لى دبر. فقال : «أما نصيبى منها فلك». قال : أما إذا بلغت ذلك فلا حاجة لى بها. ثم طرحها من يده(٢).
ويروى (٣) أن عقيل بن أبى طالب دخل يوم حنين على امرأته فاطمة بنت شيبة وسيفه متلطخ دما فقالت : إنى قد عرفت أنك قد قاتلت فما ذا أصبت من غنائم المشركين؟ قال : دونك هذه الإبرة تخيطين بها ثيابك. فدفعها إليها فسمع منادى رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : من أخذ شيئا فليرده حتى الخائط والمخيط. فرجع عقيل فقال : ما أرى إبرتك إلا قد ذهبت! وأخذها فألقاها فى الغنائم.
وأعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم المؤلفة قلوبهم ، وكانوا أشرافا من أشراف الناس ، يتألفهم ويتألف بهم قومهم ، فأعطى أبا سفيان بن حرب وابنه معاوية وحكيم بن حزام والحارث بن الحارث بن كلدة ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وحويطب بن عبد العزى وصوفان بن أمية ، وكل هؤلاء من أشراف قريش ، والأقرع بن حابس التميمى وعيينة بن حصن الفزارى ومالك بن عوف النصرى ، أعطى كل واحد من هؤلاء المسلمين من قريش وغيرهم مائة بعير ، وأعطى دون المائة رجالا من قريش منهم
__________________
(١) انظر الحديث فى : صحيح البخاري (٦ / ٢٨٢١) ، مسند الإمام أحمد (٤ / ٨٤) ، مصنف عبد الرزاق (٥ / ٩٤٩٧).
(٢) انظر الحديث فى : السنن الكبرى للبيهقى (٩ / ١٠٢) ، موطأ مالك (٢ / ٤٥٧ ، ٤٥٨) ، مجمع الزوائد للهيثمى (٥ / ٣٣٩).
(٣) انظر : السيرة (٤ / ١٢١).