وقالت عائشة ـ رضى الله عنها ـ لأسيد بن حضير ، وهو قافل معها من مكة وبلغه موت امرأة فحزن عليها بعض الحزن : يغفر الله لك أبا يحيى ، أتحزن على امرأة وقد أصبت بابن عمك وقد اهتز له العرش؟ تعنى سعدا.
وقال جابر بن عبد الله : لما دفن سعد ونحن مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبح رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسبح الناس معه وكبر فكبر الناس معه فقالوا : يا رسول الله ، مم سبحت؟ قال : «لقد تضايق على هذا الرجل الصالح قبره حتى فرجه الله عنه» (١).
ويروى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجيا لكان سعد ابن معاذ» (٢).
ولسعد يقول رجل من الأنصار :
وما اهتز عرش الله من موت هالك |
|
سمعنا به إلا لسعد أبى عمرو |
وقالت أم سعد حين احتمل نعشه وهى تبكيه :
ويل أم سعد سعدا |
|
صرامة وحدا |
وسؤددا ومجدا |
|
وفارسا معدا |
سد به مسدا
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ» (٣).
وقال حسان بن ثابت يبكى سعدا :
لقد سجمت من فيض عينى عبرة |
|
وحق لعينى أن تفيض على سعد |
قتيل ثوى فى معرك فجعت به |
|
عيون ذوارى الدمع دائمة الوجد (٤) |
على ملة الرحمن وارث جنة |
|
مع الشهداء وفدها أكرم الوفد |
فإن تك قد ودعتنا وتركتنا |
|
وأمسيت فى غبراء مظلمة اللحد |
فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد |
|
كريم وأثواب المكارم والحمد |
بحكمك فى حيى قريظة بالذى |
|
قضى الله فيهم ما قضيت على عمد |
__________________
(١) انظر الحديث فى : مسند الإمام أحمد (٣ / ٣٦٠) ، مشكاة المصابيح للتبريزى (١٣٥) ، إرواء الغليل للألبانى (٣ / ١٦٦) ، البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٢٨).
(٢) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٢٨).
(٣) انظر الحديث فى : البداية والنهاية لابن كثير (٤ / ١٣٠).
(٤) ثوى : أى أقام. والمعرك : موضع القتال. وذوارى الدمع : أى تسكبه. والوجد : أى الحزن.