والله لوددت أن
درع سعد كانت أسبغ مما هى. قالت : وخفت عليه حيث أصاب السهم منه ، فرمى سعد بسهم
فقطع منه الأكحل ، رماه حبان بن قيس بن العرقة أحد بنى عامر لؤيّ ، فلما أصابه قال
: خذها وأنا ابن العرقة. فقال له سعد : عرق الله وجهك فى النار ، اللهم إن كنت
أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقى لها فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهد من قوم آذوا رسولك
وكذبوه وأخرجوه ، اللهم وإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعلها لى شهادة ولا
تمتنى حتى تقرعينى من بنى قريظة.
وكان عبد الله بن
كعب بن مالك يقول : ما أصاب سعدا ـ يومئذ ـ إلا أبو أسامة الجشمى حليف بنى مخزوم ،
وقال فى ذلك شعرا يخاطب به عكرمة بن أبى جهل :
أعكرم هلا لمتنى
إذ تقول لى
|
|
فداك بآطام
المدينة خالد
|
ألست الذي ألزمت
سعدا مرشة
|
|
لها بين أثناء
المرافق عاند
|
قضى نحبه منها
سعيد فأعولت
|
|
عليه مع الشمط
والعذارى النواهد
|
فى أبيات ذكرها
ابن إسحاق.
ويقال : إن الذي
رمى سعدا خفافة بن عاصم بن حبان. فالله أعلم أى ذلك كان.
وكانت صفية بنت
عبد المطلب فى فارع ، أطم حسان بن ثابت ، قالت : وحسان معنا فيه مع النساء
والصبيان. قالت صفية : فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة
وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم والمسلمون فى نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم
إلينا إن أتانا آت ، قالت : قلت يا حسان ، إن هذا اليهودى كما ترى يطيف بالحصن ،
وإنى والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود ، وقد شغل عنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، فانزل إليه فقتله. قال : يغفر الله لك يا ابنة
عبد المطلب! والله لقد علمت ما أنا بصاحب هذا. فلما قال لى ذلك ولم أر عنده شيئا
احتجزت ثم أخذت عمودا ثم نزلت من الحصن إليه فضربته بالعمود حتى قتلته ، فلما فرغت
منه رجعت إلى الحصن فقلت لحسان : انزل فاسلبه فإنى لم يمنعنى من سلبه إلا أنه رجل.
قال : ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.
وأقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم واصحابه فيما وصف الله من الخوف والشدة لتظاهر عدوهم عليهم
وإتيانهم من فوقهم ومن أسفل منهم.
__________________