المؤمنين ما بى من بأس ، ولكنى كنت فيمن حضر خبيب بن عدى حين قتل وسمعت دعوته ، فو الله ما خطرت على قلبى وأنا فى مجلس قط إلا وغشى على فزادته عند عمر خيرا.
وذكر ابن عقبة أن خبيبا وزيدا قتلا فى يوم واحد ، قال : وزعموا أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال وهو جالس فى ذلك اليوم الذي قتلا فيه : «وعليكما أو وعليك السلام ، خبيب قتلته قريش» ، لا ندرى أذكر ابن الدثنة معه أم لا.
وقال خبيب ـ رحمهالله ـ لما اجتمع القوم لصلبه :
لقد جمع الأحزاب حولى وألبوا |
|
قبائلهم واستجمعوا كل مجمع (١) |
وكلهم مبدى العداوة جاهد |
|
علىّ لأنى فى وثاق بمضيع |
وقد جمعوا أبناءهم ونساءهم |
|
وقربت من جذع طويل ممنع |
إلى الله أشكو غربتى ثم كربتى |
|
وما أرصد الأحزاب لى عند مصرعى |
فذا العرش صبرنى على ما يراد بى |
|
فقد بضعوا لحمى وقد ياس مطمعى |
وذلك فى ذات الإله وإن يشأ |
|
يبارك على أوصال شلو ممزع |
وقد خيرونى الكفر والموت دونه |
|
وقد هملت عيناى من غير مجزع (٢) |
وما بى حذار الموت إنى لميت |
|
ولكن حذارى جحيم نار ملفع (٣) |
ولست أبالى حين أقتل مسلما |
|
على أى جنب كان فى الله مصرعى |
فلست بمبد للعدو تخشعا |
|
ولا جزعا إنى إلى الله مرجعى |
وقال حسان بن ثابت يبكى خبيبا :
يا عين جودى بدمع منك منسكب |
|
وابكى خبيبا مع الفتيان لم يؤب |
صقرا توسط فى الأنصار منصبه |
|
سمح السجية محضا غير مؤتشب |
قد هاج عينى على علات عبرتها |
|
إذ قيل نص إلى جذع من الخشب |
يا أيها الراكب الغادى لطيته |
|
أبلغ إليك وعيدا ليس بالكذب (٤) |
بنى كهينة أن الحرب قد لقحت |
|
محلوبها الصاب إذ تمرى لمحتلب |
فيها أسود بنى النجار تقدمهم |
|
شهب الأسنة فى معصوصب لجب |
__________________
(١) ألبوا : أى جمعوا. ومجمع : مكان الاجتماع.
(٢) هملت عيناى : أى سال دمعها.
(٣) الجحيم : أى الملتهب المتقد. والملفع : أى المشتمل.
(٤) الطية : ما انطوت عليه نيتك من الجهة التي تريد أن تتوجه إليها.