وعن الواقدى من غير حديث أبى الجهم أن أبا سعيد الخدرى سأل عبد الله بن سلام عن الأثر الذي فى المقام ، فقال : كانت الحجارة على ما هى عليه اليوم إلا أن الله جل ثناؤه ، أراد أن يجعل المقام آية من آياته.
قال أبو الجهم : فلما فرغت يعنى المرأة ، من غسل رأس إبراهيم عليهالسلام ، قال لها : إذا جاء إسماعيل فقولى له : أثبت عتبة بابك فإن صلاح المنزل العتبة.
فلما جاء إسماعيل قال : هل جاءك أحد بعدى؟ فأخبرته بإبراهيم وما صنعت به ، ثم قال لها : هل قال لك أن تقولى لى شيئا؟ قالت : قال لى أثبت عتبة بابك فإن صلاح المنزل العتبة.
ففرح إسماعيل وقال : أتدرين من هو؟ قالت : لا. قال : هذا خليل الله إبراهيم أبى ، وأما قوله : «أثبت عتبة بابك» فقد أمرنى أن أقرك وقد كنت على كريمة وقد ازددت على كرامة. فصاحت وبكت ، فقال : ما لك؟ قالت : ألا أكون علمت بمن هو فأكرمه وأصنع به غير الذي صنعت! فقال لها إسماعيل : لا تبكى ولا تجزعى فقد أحسنت ولم تكونى تقدرين أن تفعلى فوق الذي فعلت ، ولم يكن ليزيدك على الذي صنع بك.
فولدت لإسماعيل عشرة ذكور أحدهم نابت (١).
فلما بلغ إسماعيل ثلاثين سنة وإبراهيم يومئذ ابن مائة سنة ، أوحى الله جل ثناؤه إلى إبراهيم أن ابن لى بيتا. قال إبراهيم : أى رب أين أبنيه؟.
فأوحى الله إليه : أن اتبع السكينة ، وهى ريح لها وجه وجناحان ومع إبراهيم الملك والصرد.
فانتهوا بإبراهيم إلى مكة ، فنزل إسماعيل إلى الموضع الذي بوأه الله جل وعز ، لإبراهيم ، وموضع البيت ربوة حمراء مدرة مشرفة على ما حولها.
فحفر إبراهيم وإسماعيل عليهماالسلام وليس معهما غيرهما ، أساس البيت ، يريدان أساس آدم الأول.
__________________
(١) قال ابن هشام فى السيرة (١ / ٢٤ ـ ٢٨) : حدثنا زياد بن عبد الله البكائى ، عن محمد بن إسحاق المطلبى ، قال : ولد إسماعيل بن إبراهيم ، عليهماالسلام ، اثنى عشر رجلا : نابتا ، وكان أكبرهم ، وقيذر ، وأذبل ، وميشا ، ومسمغا ، وماشى ، ودما ، وأذر ، وطيما ، ويطور ، ونبش ، وقيذما ، وأمهم : رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمى. قال ابن هشام : ويقال : مضاض ، وجرهم بن قحطان ، وقحطان أبو اليمن كلها ، وإليه يجتمع نسبها ، ابن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.