وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ) فذكر أنهم كانوا يرونه فى كل منزل فى صورة سراقة لا ينكرونه ، حتى إذا كان يوم بدر والتقى الجمعان نكص على عقبية فأوردهم ثم أسلمهم.
وفى ذلك يقول حسان بن ثابت :
قومى الذين هم آووا نبيهم |
|
وصدقوه وأهل الأرض كفار |
إلا خصائص أقوام هم سلف |
|
للصالحين مع الأنصار أنصار |
مستبشرين بقسم الله قولهم |
|
لما أتاهم كريم الأصل مختار |
أهلا وسهلا ففى أمن وفى سعة |
|
نعم النبيّ ونعم القسم والجار |
فأنزلوه بدار لا يخاف بها |
|
من كان جارهم دارا هى الدار |
وقاسموهم بها الأموال إذ قدموا |
|
مهاجرين وقسم الجاحد النار |
سرنا وساروا إلى بدر لحينهم |
|
لو يعلمون يقين العلم ما ساروا |
دلاهم بغرور ثم أسلمهم |
|
إن الخبيث لمن والاه غرار |
وقال إنى لكم جار فأوردهم |
|
شر الموارد فيه الخزى والعار |
ثم التقينا فولوا عن سراتهم |
|
من منجدين ومنهم فرقة غاروا |
ويروى أن قريشا رأوا سراقة المدلجى بعد وقعة بدر ، وهو الذي تمثل لهم إبليس فى صورته يوم بدر كما تقدم ، فقالوا له : يا سراقة ، أخرمت الصف وأوقعت فينا الهزيمة؟! فقال : والله ما علمت بشيء من أمركم حتى كانت هزيمتكم ، وما شهدت معكم. فما صدقوه حتى اسلموا وسمعوا ما أنزل الله فى ذلك ، فعلموا أنه كان إبليس تمثل لهم.
ولما انقضى أمر بدر ، أنزل الله ـ تبارك وتعالى ـ فيه من القرآن «الأنفال» بأسرها.
وكان جميع من شهد بدرا من المسلمين من المهاجرين والأنصار ، من شهدها ومن ضرب له بسهمه وأجره ثلاثمائة رجل وأربعة عشر رجلا ، من المهاجرين ثلاثة وثمانون رجلا : ثلاثة منهم ضرب لهم بسهامهم وأجورهم ولم يشهدوا ، وهم : عثمان بن عفان ، تخلف على امرأته رقية بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمرضها الذي توفيت فيه قبل أن يرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بدر ، فضرب له رسول الله صلىاللهعليهوسلم بسهمه. قال : وأجرى يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ قال : «وأجرك». وطلحة بن عبيد الله ، وسعيد بن زيد ، كانا بالشام فرجعا بعد رجوع رسول الله صلىاللهعليهوسلم من بدر ، فضرب لكليهما بسهمه. قال : وأجرى يا رسول الله؟ قال : وأجرك.
ومن الأوس : واحد وستون ، اثنان منهم ضرب لهما بسهميهما : عاصم بن عدى