قال ابن إسحاق (١) : فلما مزقت الصحيفة وبطل ما فيها قال أبو طالب فيما كان من أمر أولئك الذين قاموا فى نقضها يمدحهم :
ألا هل أتى بحرينا صنع ربنا |
|
على نأيهم والله بالناس أرود (٢) |
فنخبرهم أن الصحيفة مزقت |
|
وأن كل ما لم يرضه الله مفسد |
تراوحها إفك وسحر مجمع |
|
ولم يلف سحر آخر الدهر يصعد (٣) |
جزى الله رهطا بالحجون تتابعوا |
|
على ملأ يهدى لحزم ويرشد |
قعودا لدى خطم الحجون كأنهم |
|
مقاولة بل هم أعز وأمجد |
أعان عليها كل صقر كأنه |
|
إذا ما مشى فى رفرف الدرع أحرد |
جرى على جل الخطوب كأنه |
|
شهاب بكفى قابس يتوقد |
من الأكرمين من لؤيّ بن غالب |
|
إذا سيم خسفا وجهه يتربد |
طويل النجاد خارج نصف ساقه |
|
على وجهه نسقى الغمام ونسعد |
عظيم الرماد سيد وابن سيد |
|
يحض على مقرى الضيوف ويحشد |
ويا بنى لأفياء العشيرة صالحا |
|
إذا نحن طفنا فى البلاد ويمهد |
ألظ بهذا الصلح كل مبرأ |
|
عظيم اللواء أمره ثم يحمد |
قضوا ما قضوا فى ليلهم ثم أصبحوا |
|
على مهل وسائر الناس رقد |
هم رجعوا سهل بن بيضاء راضيا |
|
وسر أبو بكر بها ومحمد |
متى شرك الأقوام فى جل أمرنا |
|
وكنا قديما قبلها نتودد |
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ٣٠٩).
(٢) بحرينا : يقصد به من هاجر من المسلمين فى البحر.
(٣) ذكر بعد هذا البيت ، أبيات آخره لم يذكرها هنا وهى :
تداعى لها من ليس فيها بقرقر |
|
فطائرها فى رأسها يتردد |
وكانت كفاء رقعة بأثيمة |
|
ليقطع منها ساعد ومقلد |
ويظعن أهل المكتين فيهربوا |
|
فرائصهم من خشية الشر ترعد |
ويترك حراث يقلب أمره |
|
أيتهم فيهم عند ذاك وينجد |
وتصعد بين الأخشبين كتيبة |
|
لها حدج سهم وقوس ومرهد |
فمن ينش من حضار مكة عزه |
|
فعزتنا فى بطن مكة أتلد |
نشأنا بها والناس فيها قلائل |
|
فلم ننفكك نزداد خيرا ونحمد |
ونطعم حتى يترك الناس فضلهم |
|
إذا جعلت أيدى المفيضين ترعد |
انظر : السيرة (١ / ٣٠٩ ـ ٣١٠).