الغزالين ، وخرج الأسودان على الأسياف والأدراع لعبد المطلب ، وتخلف قدحا قريش. فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة ، وضرب فى الباب الغزالين من ذهب ، فكان أول ذهب حليته الكعبة ، فيما يزعمون (١).
وذكر الزبير أن عبد المطلب لما أنبط الماء فى زمزم حفرها فى القرار ثم بحرها حتى لا تنزف ، ثم بنى عليها حوضا فطفق هو وابنه ينزعان عليها فيملآن ذلك الحوض ، فيشرب منه الحاج. وكان قوم حسدة من قريش لا يزالون يكسرون حوضه ذلك بالليل ويغتسلون فيه ، فيصلحه عبد المطلب حين يصبح.
فلما أكثروا فساده دعا عبد المطلب ربه ، فقيل له فى المنام : قل : اللهم إنى لا أحلها لمغتسل ، وهى لشارب حل وبل.
فقام عبد المطلب فى المسجد فنادى بالذى أرى ، ثم انصرف فلم يكن يفسد حوضه ذلك عليه أحد من قريش أو يغتسل فيه إلا رمى فى جسده بداء ، حتى تركوا حوضه ذلك وسقايته فرقا.
وذكر الزبير أيضا أن عبد المطلب لما حفر زمزم وأدرك منها ما أدرك وجدت قريش فى أنفسها مما أعطى ، فلقيه خويلد بن أسد بن عبد العزى ، فقال : يا ابن سلمى ، لقد سقيت ماء رغدا ونثلت عادية حتدا ، قال : يا ابن أسد ، أما إنك تشرك فى فضلها ، والله لا يساعفنى أحد عليها ببر ولا يقوم معى بأزر إلا بذلت له خيرا لصهر.
فقال خويلد بن أسد :
أقول وما قولى عليهم بسنة |
|
إليك ابن سلمى أنت حافر زمزم |
حفيرة إبراهيم يوم ابن آجر |
|
وركضة جبريل على عهد آدم |
فقال عبد المطلب : ما وجدت أحدا ورث العلم الأقدم غير خويلد بن أسد. ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحجاج ، وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة (٢) ، وكانت خارجا من مكة آبار حفائر قديمة من عهد مرة بن كعب وكلاب بن
__________________
(١) انظر : السيرة (١ / ١٣٢ ـ ١٣٣).
(٢) قال ابن هشام فى السيرة (١ / ١٣٣ ـ ١٣٦) : وكانت قريش قبل حفر زمزم قد احتفرت بئارا بمكة ، فيما حدثنا زياد بن عبد الله البكائى عن محمد بن إسحاق ، ثم أخذ يذكر أسماء الآبار التي حفرت قبل زمزم فقال : حفر عبد شمس بن عبد مناف الطوى ، وهى البئر التي بأعلى مكة عند البيضاء ، دار محمد بن يوسف الثقفى. وحفر هاشم بن عبد مناف بذر ، وهى البئر التي ـ