ثمّ إنّ أكثر هذه الأمور التي قرّب بها وقوع الإجماع على أبي بكر بالاختيار أدلّ على خلافه ، كعدم ترجيح الأنصار لأبي بكر على عليّ عليهالسلام ، وكون العبّاس معه ، وسلّ الزبير سيفه في نصرته ، وتظاهر أبي سفيان بخلاف أبي بكر وذمّه له ..
فإنّ هذه الأمور ونحوها مقرّبة لكون بيعة أبي بكر لم تكن عن رغبة ، بل لأمور تسخط الله ورسوله.
وممّا ذكرنا يعلم ما في قوله : « وبايعه حيث رآه أهلا للخلافة » ، وقد أشرنا إلى كيفية البيعة مجملا (١) وستعرفها مفصّلا.
وكيف يقال : إنّه بايعه طوعا حيث رآه أهلا للخلافة ، وآثار العداوة ظاهرة بينهما وبين أتباعهما إلى يومنا هذا؟!
وهو عليهالسلام لم يزل يتظلّم منهم إلى حين وفاته ، حتّى قال في بعض كلامه :
« اللهمّ إنّي أستعديك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم قطعوا رحمي ، وصغّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إنّ في الحقّ أن تأخذه ، وفي الحقّ أن تتركه » (٢).
قال ابن أبي الحديد في شرح هذا الكلام (٣) : « إعلم أنّه قد تواترت الأخبار عنه عليهالسلام بنحو من هذا القول ، نحو قوله : وما زلت مظلوما منذ قبض الله رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يوم الناس هذا.
__________________
(١) راجع الصفحة ٢٧٧ وما بعدها من هذا الجزء.
(٢) نهج البلاغة : ٢٤٦ الخطبة ١٧٢.
(٣) ص ٤٩٥ من المجلّد الثاني [ ٩ / ٣٠٥ ]. منه قدسسره.