وأقول :
سبق أنّ أكثرهم أجازوا صدور الكبائر عن الأنبياء سهوا قبل النبوّة وبعدها ، وعمدا قبلها ، وأنّ بعضهم أجاز صدورها عمدا بعدها ، ومنها الكذب في غير التبليغ ، بل أجاز بعضهم صدور الكفر عنهم لله (١) ..
وقد نقل الخصم هناك بعض ذلك (٢) ، فكيف يزعم هنا الإجماع على عصمتهم عن الكذب؟!
وأمّا ما زعمه من أنّ المراد صورة الكذب ، فلا يلائم الحديث ، ولنذكره لتتّضح الحال ..
روى البخاري في كتاب تفسير القرآن ، في سورة بني إسرائيل ، عن أبي هريرة ما ملخّصه :
إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « أنا سيّد الناس يوم القيامة ، وهل تدرون ممّ ذلك؟! يجمع الله الناس الأوّلين والآخرين في صعيد واحد ، وتدنو الشمس ، فيبلغ الناس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ، فيقول الناس : ألا ترون ما قد بلغكم؟! ألا تنظرون من يشفع إلى ربّكم؟!
فيقول بعض الناس لبعض : عليكم بآدم ؛ فيأتونه ، فيعتذر بأنّ الله سبحانه نهاه عن الشجرة فعصاه ..
ويأتون نوحا بأمر آدم ، فيعتذر بأنّ له دعوة على قومه ..
__________________
(١) ( لله ) راجع الصفحتين ١٧ و ٣٠ من هذا الجزء.
(٢) راجع الصفحتين ٢٠ ـ ٢١.