ومنه يعلم ما في قوله : « ولو كان على إمامته نصّ لأظهروه » ..
فإنّ إظهارهم مناف لطلبهم الإمرة كما سبق (١) ، ولم يبق بعد هذا الطلب مجال لإظهار النصّ ؛ لتسرّع عمر إلى بيعة أبي بكر ، حتّى وصفها عمر بأنّها فلتة (٢).
على أنّه لا يبعد أنّ كثيرا من الأنصار أظهروه وأخفاه رواة القوم ، كما يرشد إليه ما نقلناه سابقا عن الطبري وابن الأثير من أنّهما رويا أنّ الأنصار أو بعضهم قالوا : « لا نبايع إلّا عليّا ».
مع أنّ النصّ لمّا كان بمرأى من الناس ومسمع لا يحتاج إلى الإظهار ؛ لقرب عهد الغدير ونزول قوله تعالى : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ) (٣) .. الآية ، لكنّ الناس خالفوه على عمد ، انقلابا منهم عن الدين ، وغدرا بوليّهم ومولاهم ، واقتفاء لسنّة بني إسرائيل.
فقد اتّضح ممّا بيّنّا أنّ ما لفّقه الفضل تبعا للمواقف لإثبات إمكان المنازعة ، إنّما هو أمور خيالية وأوهام كاذبة صوّرها الهوى والتعصّب ، وإلّا فالوجدان والأحاديث شاهدان بخلافه ، حتّى
روى أحمد في مسنده (٤) ، عن أمّ الفضل ، قالت :
« أتيت النبيّ في مرضه فجعلت أبكي ، فرفع رأسه فقال : ما يبكيك؟!
قلت : خفنا عليك ، وما ندري ما نلقى من الناس بعدك يا رسول الله!
__________________
(١) انظر الصفحة ٢٦٧ من هذا الجزء.
(٢) انظر الصفحة ٢٥٨ ه ١ من هذا الجزء.
(٣) سورة المائدة ٥ : ٥٥.
(٤) ص ٣٣٩ من الجزء السادس. منه قدسسره.
وانظر : المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ٢٥ / ٢٣ ح ٣٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ٣٤.