وإنّ قصد الرواة مجرّد نسبة السهو إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم دفعا للطعن عن أنفسهم وأوليائهم ، وإرضاء لأئمّة جماعاتهم ، كما يعرفه من سبر أحوالهم.
وأمّا قوله : « والعجب أنّه قال : كيف يجوز أن يحفظ أبو بكر وعمر » ..
ففيه : إنّ المصنّف لم ينكر على حفظهما ، بل على من روى حفظهما وأثبته لهما ، والحال أنّهما لم يذكرا ذلك للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فإنّ قول الراوي : « فهاباه أن يكلّماه » دالّ على أنّهما حافظان لما نسيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنعتهما هيبته عن بيان سهوه له ، وهذا أمر تشهد الضرورة بكذبه ، إذ كيف يترك عمر بيانه له ـ لو كان حافظا ـ وهو خلاف ما يروونه من أحواله معه وجرأته عليه؟!
وكفاك ما رووه من حصبه للحبشة بحضرته (١) ..
ومعارضته له في الصلاة على ابن أبيّ (٢) ..
وجرأته عليه يوم الحديبية (٣) ..
وقوله في وجهه المبارك : « إنّ النبيّ ليهجر » (٤) ..
فإنّ من يواجهه بالهجر لا يهاب من مواجهته بالسهو!
__________________
(١) راجع الصفحة ١١١ ه ٢.
(٢) انظر : صحيح البخاري ٦ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ح ١٩٠ ـ ١٩٢ وج ٧ / ٢٦٢ ح ١٥ ، صحيح مسلم ٨ / ١٢٠ ، الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ ١ / ١٢٤ ح ٥٢ ، سنن الترمذي ٥ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ ح ٣٠٩٧ و ٣٠٩٨ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٦ / ٣٥٧ ح ١١٢٢٤ و ١١٢٢٥ ، مسند أحمد ١ / ١٦.
(٣) انظر : صحيح البخاري ٤ / ٣٦ ـ ٤٣ ح ١٨ ، صحيح مسلم ٥ / ١٧٥ ، مسند أحمد ٤ / ٣٣٠.
(٤) راجع الصفحة ٩٣ ه ٢.