المدح عند العقلاء ،
ومعنى القبيح : ما يستحقّ فاعله الذمّ عند العقلاء ، وهذا هو محلّ النزاع ، فإنّا
نثبته ، وهم ينكرونه ، فإدخال كلمة « الثواب والعقاب » في تعريفهما خطأ ظاهر.
فالحقّ أنّ النزاع بيننا وبينهم في أنّ
الفعل هل فيه جهة تحسّنه أو تقبّحه عقلا ، أو لا؟ بل يتبع في حسنه وقبحه أمر
الشارع ونهيه ، ولا حكم للعقل في حسن الأفعال وقبحها ، فما نهي عنه شرعا قبيح ،
وما لم ينه عنه حسن ، كالواجب والمندوب ، وكالمباح عند أكثرهم ، وكفعل الله سبحانه
؛ لأنّها جميعا لم ينه عنها شرعا.
وأمّا فعل الصبي فقد قال في « شرح
المواقف » : « مختلف فيه » .
وأمّا فعل البهائم فقد قال : « قيل :
إنّه لا يوصف بحسن ولا قبح باتّفاق الخصوم » .
وكيف كان! فقد اختار الأشاعرة الثاني .
والحقّ عندنا : الأوّل ؛ ضرورة أنّه ـ مع
قطع النظر عن الشرع ـ نرى الفرق الواضح بين السجود والتعظيم للملك القهّار ،
والسجود والتعظيم لخسيس الأحجار ، وبين الصدق النافع والكذب الضارّ.
وعلى رأي الأشاعرة لا فرق بينهما عقلا ،
مع قطع النظر عن الشرع
، وهو حقيق بالعجب.
* * *
__________________