فيلزم قيام العرض
بالعرض ، وهو محال عندهم ؛ هذا هو المدّعى والدليل.
وذهبت
الفلاسفة ومن تابعهم من المعتزلة والإمامية
إلى بقاء الأعراض .
ودليلهم ـ كما ذكر هذا الرجل ـ أنّ
القول بخلافه مكابرة للحسّ وتكذيب للضرورة.
والجواب
: أن لا دلالة للمشاهدة ، على إنّ المشاهد أمر واحد مستمرّ ؛ لجواز أن يكون أمثالا
متواردة بلا فصل ، كالماء الدافق من الأنبوب ، يرى أمرا واحدا مستمرّا بحسب
المشاهدة ، وهو في الحقيقة أمثال تتوارد على الاتّصال ، فمن قال : إنّه أمثال
متواردة ، كان ينبغي ـ على ما يزعمه هذا الرجل ـ أن يكون سوفسطائيا منكرا
للمحسوسات.
وكذا جالس السفينة ، إذا حكم بأنّ الشطّ
ليس بمتحرّك ، كان ينبغي أن يحكم بأنّه سوفسطائي ؛ لأنّه يحكم بخلاف الحسّ.
وقد صوّرنا قبل هذا مذهب السوفسطائية ، ويا ليت هذا الرجل كان لم يعرف لفظ
السوفسطائي ، فإنّه يطلقه في مواضع لا ينبغي أن يطلقه فيه وهو جاهل بمعنى السفسطة.
ثمّ
ما قال : « أن لا حكم عند العقل أجلى من أنّ
اللون الذي شاهدته في الثوب حين فتح العين هو الذي شاهدته قبل طبقها ».
فنقول
: حكم العقل ها هنا مستند إلى حكم الحسّ ، ويمكن ورود الغلط للحسّ ؛ لأنّه كان
يحسب المثل عين الأوّل ، كما ذكرنا في مثال الماء الدافق من الأنبوب.
__________________