وسط الطريق ، ورقص جماعة كثيرة من المارّين في الطريق ، حتّى صارت جولة وإسماع عظيم [ وتواجد الناس إلى أن سقط أكثرهم إلى الأرض ] والحرس يكرّرون ذلك ، وخلع الشيخ كلّ ما [ كان ] عليه من الثياب ورمى بها إليهم ، وخلع الناس معه ثيابهم ، وحمل بين الناس إلى الجامع الأزهر وهو عريان مكشوف الرأس ... وأقام في هذه السكرة أيّاما ملقى على ظهره مسجّى كالميّت ..
وفي تتمّة الواقعة أنّهم اتّخذوا ثيابه للتبرّك (١)!
وحكى ولده ، قال : « حجّ الشيخ شهاب الدين السهروردي شيخ الصوفية ـ إلى أن قال : ـ فصرخ الشيخ شهاب الدين ، وخلع كلّ ما كان عليه ، وخلع المشايخ والقوم الحاضرون كلّ ما كان عليهم » (٢).
فهذه فضائلهم ، بين تجنّن ، ورقص ، وغناء ، وكشف العورات ، وترك الصلاة أيّاما ، يدّعون بذلك حبّ الله وذكره وعبادته [ من الوافر ] :
أقال الله : صفّق لي وغنّ |
|
وقل كفرا ، وسمّ الكفر ذكرا؟! |
وأمّا ما وصفهم به من ترك اللذّات والشهوات ، فالظاهر أنّه من قبيل ما انتقاه من ترك شرب الماء سنة ، الذي لا يصدّق به عاقل ، وهو ممّا لم ترد به الشريعة المطهّرة ، بل حرّمته ؛ لأنّه من الإلقاء باليد إلى التهلكة ، وإضرار النفس وتأليمها.
فليت شعري أكان نبيّنا الأطيب ، والأنبياء قبله ، وخواصّهم ، على
__________________
(١) شرح ديوان ابن الفارض ١ / ١٠ ، وانظر : ج ٢ / ١٩٧ بتفصيل آخر قريب منه.
(٢) شرح ديوان ابن الفارض ١ / ١٣.