ولكنّ أصحابه لا يعترفون به وإن أنكر ذلك تبعا لأصحابه! فما هذه التفاصيل الخارجة عن المقصود ، والأغاليط التي لا يعرف معناها ، ولا نتيجة لها ، إلّا تشويش الكلام وتلبيس الحقّ!
ومن جملة الخبط في كلامه قوله : « والمعتزلة يوافقون أهل السنّة في أنّ الحسن والقبح بهذا المعنى مركوزان في العقل » ..
فإنّ حقّ العبارة أن يقول : « ثابتان بالشرع » ، بدلا عن قوله :
« مركوزان في العقل » ؛ لأنّ الأشاعرة لا يقولون بالثواب والعقاب عقلا (١).
وأمّا ما أجاب به عن الدليل الثاني الذي ذكره المصنّف ، فهو عين لفظ « المواقف » وشرحها ، من قوله : « نحن نقول بعد تسليم » إلى قوله :
« فيكون الخوف حينئذ أكثر » (٢) ..
ويرد عليه أوّلا : إنّ منع حصول الخوف بدعوى عدم شعور الناس بسببه وهو « الاختلاف » خطأ ظاهر ، سواء أراد المصنّف بالاختلاف ، الاختلاف في وجود الله تعالى ، أم في أنّ لهذه النعم منعما.
وذلك لأنّ الاختلاف في الأمرين أظهر الوجدانيات والمشاهدات ، وأبين محالّ الخلاف في الديانات ، فكيف يمكن أن لا يشعر به الناس؟!
نعم ، ربّما لا يبالي الناس بالجهل ومقتضى الخوف ، وهو أمر آخر.
ويرد عليه ثانيا : إنّ تقييد المنعم بأنّه قد طلب الشكر عليها ، خطأ آخر ؛ لمنافاته لمذهبنا ، وهم يريدون حكاية دليلنا ، فإنّا نقول : إنّ وجوب شكر المنعم عقلي لا شرعي ، وإنّما الشرع مؤكّد (٣).
__________________
(١) الملل والنحل ١ / ٨٨ ، شرح المواقف ٨ / ١٨٣.
(٢) المواقف : ٣١ ، شرح المواقف ١ / ٢٧٠.
(٣) انظر : الذخيرة في علم الكلام : ١٧٠ ـ ١٧١.