على المكيدة ، واعزل عنه المال ، فإنّ من قبلك عمر وعثمان قد فعلا به ذلك ، فقال معاوية : نعم ما رأيت ، فدخل مغيرة على معاوية بعد ما خرج عمرو ، فقال له معاوية : إنّي قد كنت أمّرتك فجمعت لك الجند والأرض ، ثم ذكرت السير قبلي ، فإذا الأئمة لم يكونوا يستعملونك إلّا على الجند ، وكانوا يجعلون الأرض إلى غيرك ، وإنّي قد رأيت أن لا أخالف سنّة عمر وعثمان ، قال المغيرة : قد قبلت ، فلما خرج إلى أصحابه قال : قد عزلت الأرض عن صاحبكم ، ولم يغب عن ذلك أبو عبد الله.
قال : ونا يعقوب (١) ، حدّثني حرملة بن يحيى ، نا ابن وهب ، حدّثني الليث قال :
كان المغيرة بن شعبة قد اعتزل ، فلما صار الأمر إلى معاوية كتب المغيرة إلى معاوية يروزه : إني أشكو إلى الله وإليك كبر سني ، ونفاد أهل بيتي ، وجفوة قريش عني ، فكتب إليه معاوية : أمّا ما ذكرت من كبر سنك ، فإنك لم يكن يشركك فيما ذهب منك أحد ، وأمّا ما ذكرت من نفاد أهل بيتك فقد توفي آل أبي سفيان ، فما عدمت أحدا منهم شيئا ، وأمّا جفوة قريش عنك ، فهم حملوك على رقاب الناس.
فلما رأى أنه ليس عنده من الغضب إلّا هذا قدم عليه ، فلمّا دخل عليه دعا له فيما أعطاه الله من الظفر والنصر والعون على ما حمل ، ثم قال : وجزاك الله عن أبي عبد الله خيرا ، يريد عمرو بن العاص ، وكان قد أمّره على مصر وأمّر ابنه على العراق ، فقد صنعت به وصنعت ، فقال معاوية : إنّي والله لقد فعلت ، فقال المغيرة في آخر ذلك : أي (٢) معاوية ، داهية العراق ، جعلت الأسد بين يديك ، وشبليه (٣) بين كتفيك ، وجعلت في الشام هذا الذي لو نالت منه عجوز؟؟؟ (٤) فكيف لي به؟ قال : أكفيك ، قال : فخرج المغيرة ودخل عمرو على معاوية ، فقال : قد جاءك أعور ثقيف من كلّ طير بريشه ، قال : لا تفعل يا أبا عبد الله ، فإنّه أول ما كلمني به بعد الدعاء لي فيما حملت ما غبطني به فيما فعلت بيني وبينك ، وما عظّم من حقّك ، وذكر من فضلك ، فخرج عمرو من عند معاوية بما أخبره عنه وقد تفتّح قلبه للمغيرة بما أخبره عنه ، وذهب الذي في نفسه عليه ، فأقبل عمرو إلى منزله ، فوجد المغيرة بالباب يلتمس الدخول عليه ، فأذن له ، فدعا لهم فيما أعطاهم الله من الظفر ، وما جمع من أمر أمة
__________________
(١) ليس الخبر في المعرفة والتاريخ.
(٢) كذا بالأصل وبقية النسخ.
(٣) كذا بالأصل وبقية النسخ ، وفي المختصر : «وشبله» وهو أوجه ، ويعني به عبد الله بن عمرو بن العاص.
(٤) كذا رسمها وبدون إعجام بالأصل ود ، و «ز» ، وم.