والجواب : إنه قد يقال : إن عبد المطلب قد سار في إيمانه سيرا تكامليا (١) كما أشار إليه الحلبي حيث قال : ورفض في آخر عمره عبادة الأصنام ، ووحد الله سبحانه (٢).
وقد يقال : إن هذا يعطي التفسير لتسميته في أول أمره أبناءه ب «عبد مناف» ومناف اسم صنم ، و «عبد العزى» والعزى كذلك «راجع الهامش ما قبل السابق» ، ولكنه يترقى ويتقدم حتى يبلغ به الأمر حدا من التسليم والإيمان بالله ، أن أرعب بإيمانه هذا أبرهة صاحب الفيل ، كما يذكره المؤرخون.
وقد أشبه في هذا الأمر نبي الله إبراهيم «عليه السلام» فإن إبراهيم كان ـ بلا شك ـ موحدا لإحساسه الوجداني والفطري بوجود إله واحد ، قادر ، عالم ، حكيم إلخ .. ولكنه بعد أن بلغ سن الرشد أراد أن يجسد هذا الإيمان الوجداني بالدليل والبرهان ؛ على صفحة الوجود ، على قاعدة : (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)(٣) وكانت النتيجة هي ما حكاه الله
__________________
(١) وهذا لا ينافي ما سيأتي إن شاء الله ، من أن جميع آباء النبي «صلى الله عليه وآله» كانوا مؤمنين موحدين ؛ إذ قد يقال : إن المهم هو وصولهم جميعا إلى درجة الإيمان ولو بصورة تكاملية وتدريجية.
بل قد يقال : إنه لم يثبت أنه «عليه السلام» هو الذي سمى أبناءه بعبد العزى ، وعبد مناف. ولعلها أسماء قد لحقتهم بعد أن كبروا ، وظهر شركهم بالله ، واهتمامهم بالعزى ، وبغيرها من الأصنام.
(٢) السيرة الحلبية : ج ١ ص ٤ ، والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج ١ ص ٢١.
(٣) الآية ٢٦٠ من سورة البقرة.