سر التلاعب في الروايات هنا :
وقد لفت نظرنا : هذا التناقض الأخير ، إذ لو كان الاختلاف في رجل عادي من سائر أفراد الجيش.
هذا يقول : حضر ، وذاك يقول : لم يحضر ؛ لكان يمكن أن تلتمس بعض المبررات لاختلاف كهذا!! وأنه ربما يقال لا تعمد في المقام!!.
ولكن إذا كان هذا يقول : كان فلان على رأس الجيش ، وذاك يقول : لم يحضر أصلا ؛ فلا يمكن إلا أن يكون ثمة تعمد للكذب في قضية كهذه.
ولعل الهدف هو إبعاد حرب بني أمية عن حرب فيها ظلم ، وعدوان ، وقطيعة رحم ، وفي الأشهر الحرم ، ولو بالمخالفة لكل المؤرخين ، لأن حرب بن أمية هو من تهتم الدولة برفعة شأنه ، وتنزيه مقامه ، ولو عن طريق الدجل والتزوير!!.
أما النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فقد تقدم أن الخطة الملعونة كانت تهدف إلى عكس ذلك ؛ ولذلك يلاحظ هنا : تعمد جعل النبي «صلى الله عليه وآله» حتى بعد نبوته يظهر على أنه منسجم مع مشاركته في حرب الفجار في الأشهر الحرم ، والتي فيها ظلم وعدوان ، وقطيعة رحم ، واستحلال للشهر الحرام ، حتى ليقول : إنه رمى فيها برميات ، ما يحب أنه لم يكن قد رماها!!.
حلف الفضول :
وبعد منصرف قريش من حرب الفجار دعا الزبير بن عبد المطلب (١)
__________________
(١) هو غير الزبير بن العوام ، الذي حارب أمير المؤمنين عليه السلام في وقعه الجمل ، وقتل وهو منهزم.