كما وتدل ، ولا سيما النص الأخير منها ، على أن معاوية وقومه ما كانوا في حلف الفضول ، الذي يعرّض له به ابن الزبير ، كما أن مناداة الحسين «عليه السلام» بهذا الحلف ، واستجابة الزبيريين وغيرهم له ضد الأمويين ، يشير إلى ذلك أيضا.
وبعد كل ما تقدم : فإن ما يريد أبو هريرة ، ومن هم على شاكلته ، إثباته ، تزلفا ، وتقربا لأسيادهم من الحكام الظالمين ، مما يكذبه كل أقوال المؤرخين ، وكل الوقائع التاريخية.
ولكن حرص أبي هريرة على أن لا تفوت بني أمية فضيلة كهذه ، هو الذي دفعه إلى إدخال الأمويين في أشرف حلف في العرب ، والذي يوافق مبادئ الإسلام وشرائعه ، وينسجم مع الفطرة السليمة والعقل القويم.
ملاحظة :
ويلاحظ أخيرا : أننا نجدهم يروون عن النبي «صلى الله عليه وآله» ما يدل على لزوم التمسك بأحلاف الجاهلية (١).
وهي دعوة مغرضة وخبيثة ، إلا إذا أريد منها خصوص حلف الفضول ، الذي أمضاه الإسلام ، أو أي حلف آخر تنسجم أهدافه مع الإسلام ، كالحلف الذي عقده عبد المطلب مع جماعة خزاعة ، فلما قتلت قريش جماعة من خزاعة ، استنصروا النبي «صلى الله عليه وآله» استنادا إلى
__________________
(١) المصنف للحافظ عبد الرزاق ج ١٠ ص ٣٠٦ ـ ٣٧٠ وفي هامشه عن مسلم والترمذي ج ٤ ص ١٤٦ ط المكتبة الإسلامية وعن سعيد بن منصور وعن فتح الباري ج ٨ ص ١٧٣ والدارمي.