وآله» (١) ولم يتقدم هو «صلى الله عليه وآله» بطلب يدها ، ليقال : إنه إنما فعل ذلك طمعا في مالها.
ويرى الشيخ محمد حسن آل ياسين أن حبه «صلى الله عليه وآله» وتقديره لها في أيام حياتها بل وبعد مماتها ، حتى لقد كان ذلك منه يثير بعض زوجاته اللواتي ما رأين ولا عشن مع خديجة ، دليل واضح على بطلان هذا الزعم (٢).
خديجة مثل أعلى :
وبالنسبة لعرض خديجة نفسها عليه «صلى الله عليه وآله» نقول : هكذا تفعل الحرة العاقلة اللبيبة ، فلا تغرها زبارج الدنيا وبهارجها ، ولا تبحث عن اللذة لأجل اللذة ، ولا عن المال والشهرة ، وإنما تبحث عما يخدم هدفها الأسمى في الحياة ، فتفعل كما فعلت خديجة : ترد زعماء قريش ، أصحاب المال والجاه ، والقدرة ، والسلطان ، وتبحث عن رجل فقير لا مال له ، تبادر هي لعرض نفسها عليه ؛ لأن كل ذلك لا يملأ عينها ، لأنه كله ربما يكون سببا في تدمير الحياة والإنسان ، وحتى الإنسانية جمعاء ، وإنما هي تنظر فقط إلى الأخلاق الفاضلة ، والسجايا الكريمة ، وإلى الواقعية في التعامل ، والسمو في الهدف.
لأن كل ذلك هو الذي يسخر المال ، والجاه ، والقوة ، وكل شيء لخدمة الإنسان والإنسانية ، وتكاملها في الدرجات العلى.
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٢ ص ٢٩٤ والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٣٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج ١ ص ٢٠٠ ـ ٢٠١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٦٤.
(٢) كتاب النبوة ص ٦٣.